في نبرة حازمة تعكس عمق القلق داخل الجسم الصحافي المغربي، أصدرت الهيئات النقابية والمهنية لقطاع الصحافة والنشر بلاغًا مشتركًا، توصلت به جريدة صدى 24، تندد فيه بما وصفته بـ”المسار الأحادي” الذي تسير فيه الحكومة في إعداد مشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة.
البلاغ وصف المشروع الحكومي بأنه “انحراف عن فلسفة التنظيم الذاتي للمهنة”، مؤكّدًا أن ما يجري يتمّ خارج أي إشراك فعلي للنقابات والهيئات المهنية، في خرقٍ لمبادئ الحوار والتشاركية التي يُفترض أن تُوجّه إصلاح قطاع حيوي مثل الصحافة.
“ضرب في العمق لفلسفة التنظيم الذاتي“
الهيئات الموقّعة — ومن ضمنها النقابة الوطنية للصحافة المغربية، والفيدرالية المغربية لناشري الصحف، والجامعة الوطنية للصحافة والإعلام والاتصال، والنقابة الوطنية للإعلام والصحافة، والكونفدرالية المغربية لناشري الصحف والإعلام الإلكتروني — عبّرت عن رفضها القاطع لما اعتبرته “تغولًا حكوميًا” في مؤسسة التنظيم الذاتي.
وجاء في البلاغ أن الحكومة “تمادت في قراراتها الانفرادية”، بدءًا من تمديد عمل المجلس الوطني لستة أشهر، مرورًا بإحداث لجنة مؤقتة لسنتين، وصولًا إلى حالة الفراغ التنظيمي التي يعيشها القطاع بعد انتهاء صلاحية هذه اللجنة مطلع أكتوبر الجاري، في “خرقٍ واضح لأحكام الدستور”.
قانون انتخابي مثير للجدل
النقابات اعتبرت أن الصيغة الجديدة لمشروع القانون تُهدّد مبدأ الانتخاب الحر والتعددية داخل المجلس، منبّهة إلى أن اعتماد “نمط اقتراع فردي مفتوح” بدل التصويت باللائحة، سيُقصي النقابات ويفتح الباب أمام “هيمنة لوبيات ضيقة” على تمثيلية الناشرين.
ووصفت هذه الخطوة بأنها “محاولة خطيرة لتحجيم صوت الصحافيين وتقليص دور التنظيم المهني الحر”، ما قد يؤدي — بحسب البلاغ — إلى “احتكار المشهد الإعلامي وتحويله إلى فضاء للريع والولاءات بدل الكفاءة والمسؤولية”.
“وقفة من أجل الكرامة المهنية“
في مواجهة ما وصفوه بـ”التراجع الممنهج عن المكتسبات الديمقراطية”، دعت الهيئات النقابية جميع الصحافيين والناشرين والمراسلين إلى المشاركة في الوقفة الاحتجاجية المركزية يوم الأربعاء 22 أكتوبر 2025 أمام مقر البرلمان بالرباط، ابتداءً من الساعة الحادية عشرة صباحًا.
الهدف من هذه الوقفة، كما ورد في البلاغ، هو الدفاع عن “مشروع قانون ديمقراطي يكرّس استقلالية التنظيم الذاتي ويضمن تمثيلية متوازنة بين الفئات المهنية المختلفة”، مع التأكيد على حماية أخلاقيات المهنة وحرية التعبير، انسجامًا مع روح الفصل 28 من الدستور المغربي.
شعار المرحلة: “تنظيم ذاتي حرّ ومستقل وديمقراطي“
وختمت الهيئات بلاغها بنداءٍ صريح جاء فيه:
“جميعًا من أجل تنظيم ذاتي لمهنة الصحافة والنشر مستقل ومنتخب وديمقراطي.”
نداءٌ يعبّر عن لحظة مفصلية في تاريخ الصحافة المغربية، حيث تقف المهنة أمام مفترق طرق: إما الاستقلالية والمسؤولية، أو العودة إلى زمن الإملاءات والتعيينات.