شهدت استثمارات الشركات الناشئة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تراجعًا ملحوظًا خلال شهر أكتوبر، بعد الأداء الاستثنائي في شتنبر. فقد كشفت منصة “وامدا” أن إجمالي التمويلات انخفض إلى 784.9 مليون دولار موزعة على 43 صفقة، ما يمثل هبوطًا بنسبة 77٪ مقارنة بالشهر السابق الذي تضخمت فيه الأرقام إلى 3.5 مليارات دولار.
ورغم هذا التراجع الظرفي، يبقى المؤشر السنوي قويًا، إذ سجّلت المنطقة ارتفاعًا هائلًا بنسبة 395٪ في التمويلات خلال الأشهر العشرة الأولى من العام، مما يعكس موجة ثقة متزايدة في قطاع التكنولوجيا وريادة الأعمال بالمنطقة.
المغرب ضمن الخماسي الذهبي.. أداء ثابت وسط العاصفة
ورغم هذا التباطؤ الإقليمي، واصل المغرب تعزيز موقعه ضمن أقوى خمس منظومات ابتكار في المنطقة، محافظًا على المرتبة الرابعة بتمويلات بلغت 12.3 مليون دولار عبر ثلاث صفقات، بعد تحقيقه 13 مليون دولار في شتنبر.
هذا الأداء — رغم تواضعه مقارنة بالدول الكبرى — يعكس نضج النظام البيئي للشركات الناشئة بالمملكة، وقدرته على الحفاظ على تدفق تمويلي مستمر حتى خارج نطاق الصفقات الضخمة.
خريطة التمويل الإقليمي.. الإمارات أولًا والسعودية ثانيًا
على مستوى الدول الرائدة، حافظت الإمارات على هيمنة واضحة بـ 615.7 مليون دولار، تلتها السعودية بـ 119.3 مليون دولار، بينما سجلت مصر 33.3 مليون دولار رغم العدد الأكبر من الصفقات (خمس).
في هذا السياق، يظهر المغرب كقوة صاعدة تعمل بثبات وبخطوات محسوبة، رغم أن حجم التمويل لا يزال يحتاج إلى دفعات أكبر لدعم توسع الشركات الناشئة نحو مستويات نمو أكثر تقدمًا.
قطاعات صاعدة.. وProptech تخطف المشهد
إقليميًا، تصدر قطاع التقنية العقارية (Proptech) واجهة التمويل، مدفوعًا بجولة قياسية جمعتها شركة “Property Finder” الإماراتية بقيمة 525 مليون دولار.
أما في المغرب، فقد تركزت الاستثمارات على شركات في مرحلة النمو، مع استمرار تنويع القطاعات وتبني نماذج أعمال هجينة موجهة للمستهلكين، تماشيًا مع التوجه الإقليمي الذي استحوذ فيه قطاع B2C على 594.7 مليون دولار.
التمويل بالديون.. اللاعب الجديد في السوق
يشير تحليل البيئة الإقليمية إلى صعود بارز للتمويل عبر الديون، الذي شكّل 72٪ من إجمالي التمويلات في أكتوبر، في وقت يشهد فيه سوق الجولات المتقدمة تباطؤًا، مقابل حيوية واضحة في الشركات الناشئة المبكرة.
بالنسبة للمغرب، يُعتبر هذا الاستقرار ميزة تنافسية، لكنه في الآن نفسه يُسلّط الضوء على ضرورة جذب تمويلات أكبر وأكثر عمقًا لتمكين الشركات من الانتقال نحو مراحل توسع إقليمية وعالمية.
خلاصة.. نمو راسخ يحتاج إلى جرعة ثقة إضافية
بين تباطؤ إقليمي وتحوّلات هيكلية في التمويل، يبرز المغرب كأحد النقاط المضيئة في مشهد الابتكار بالمنطقة. استقرار الأداء وتموضع المملكة ضمن الخماسي الأول، يعكسان قاعدة صحية لمنظومة ريادة الأعمال، لكنها تحتاج — وبشكل مستعجل — إلى تمويلات أكبر واستثمارات جريئة لدفع عجلة النمو نحو آفاق أوسع.














