سيدي بنور – ياسين فنان
لم تعد جماعة الوليدية مجرّد رقعة ترابية على الخريطة السياسية لإقليم سيدي بنور، بل تحوّلت إلى مرآة عاكسة لتصدعات عميقة داخل بيت حزب الاستقلال، بعد وفاة رئيس الجماعة المنتمي لحزب الاتحاد الاشتراكي، وما تلا ذلك من صراع مرير حول من سيخلفه على رأس المجلس.
تزكية… ثم تراجع: عندما تُسحب الثقة من دون تفسير
في خطوة بدت منسجمة مع استراتيجية توسعية لحزب الاستقلال محليًا، بادر المفتش الإقليمي للحزب، الحاج محمد أبو الفراج، إلى تزكية أحد المنتخبين المحليين لمنصب رئيس الجماعة. قرارٌ اتسم بمصداقية مؤسساتية وحظي بدعم مناضلين رأوا فيه امتدادًا طبيعيًا لدور المفتش في إعادة صياغة حضور الحزب بالإقليم.
لكن الحدث انقلب على رأسه. ففي كواليس صامتة، برز تدخل من أحد أعضاء اللجنة التنفيذية، دعم خلاله مرشحًا آخر، بالتنسيق مع برلماني محسوب على حزب منافس. النتيجة: سُحبت التزكية الأولى، وتمت إقالة المفتش الإقليمي في ظرف غامض، ودون أي تعليل تنظيمي علني.
صدمة القواعد: أين الديمقراطية الداخلية؟
قرار الإقالة المفاجئ لم يمر مرور الكرام. فقد فجّر غضبًا مكبوتًا في أوساط استقلالي سيدي بنور، الذين رأوا في ما حدث ضربًا صارخًا لميثاق الانضباط، وتهديدًا لما تبقى من ثقة في آليات اتخاذ القرار داخل الحزب.
التساؤلات انفجرت تباعًا: من يتحكم فعلاً في مسار الترشيحات؟ وهل تحوّل القرار الحزبي إلى أداة في يد شبكات غير رسمية تقرر من يحكم ومن يُقصى؟
انتخاب بلا منافسة… وتمثيلية بلا روح
انتهت المعركة بانتخاب مرشح وحيد لرئاسة جماعة الوليدية، وسط أجواء وُصفت بأنها خالية من التوافق والديمقراطية. انتخابٌ بلا منافسة، بلا نقاش حقيقي، وبلا رؤية تُراعي مصالح الساكنة.
من يملك القرار؟ الهياكل أم الظلال؟
قضية الوليدية عرّت عن هشاشة العلاقة بين الهياكل المحلية للحزب وقيادته المركزية، وطرحت سؤالًا مريرًا: هل للأجهزة التنظيمية سلطة حقيقية؟ أم أنها مجرد واجهات تُدار عن بعد من “الغرف الخلفية” للسياسة؟
أزمة ثقة… ومطلب عاجل للنقاش
إذا لم تُفتح قنوات حوار صريحة ومسؤولة داخل حزب الاستقلال بالإقليم، فإن الأزمة مرشحة للتمدد، ليس فقط تنظيميًا، بل أيضًا على صعيد ثقة المواطنين في المؤسسة الحزبية برمتها. فالوضع الحالي يستنزف الرصيد الأخلاقي والسياسي لحزب يُفترض أنه من ركائز التعددية الديمقراطية بالمغرب.
هل ستُراجع القيادة المركزية حساباتها؟ وهل ستعود الكلمة للقواعد بدل أن تظل رهينة “الهواتف الثقيلة” والولاءات المتقاطعة؟
الأسئلة معلّقة… والإجابة تتوقف على ما تبقى من روح سياسية داخل الحزب.