إعداد: منير بناني
بينما يواصل سكان الداخلة والأقاليم الجنوبية معاناتهم اليومية مع ندرة السمك وارتفاع أسعاره بشكل غير مسبوق، تواصل مراكب الصيد “البيلاجيك” الكبرى استنزاف السواحل دون حسيب أو رقيب. مفارقة صارخة تضع المواطن أمام رفوف فارغة، في وقت تُكدّس فيه الثروات البحرية في مخازن التصدير.
مراكب خارج القانون
مصادر مهنية ونقابية تكشف أن هذه المراكب تشتغل خارج أي إطار قانوني، مستخدمة معدات قديمة وغير مطابقة لشروط السلامة، ومتجاوزة الحصص المسموح بها. الأخطر أنها تتجاوز الميزان الرسمي لقياس الكميات المصطادة، لتتحول الكميات الضخمة مباشرة نحو وحدات تعليب وتصدير مملوكة لنفس أصحاب النفوذ.
ثروات وطنية محتكرة
النتيجة: ثروة سمكية تُصدَّر أو تُحتكر، بينما السوق الوطنية تُترك خاوية، وأسر بأكملها عاجزة عن شراء أبسط أنواع السمك. وفي الأثناء، تقول المعطيات إن بعض مالكي هذه المراكب يحققون أرباحاً تصل إلى 12 مليار سنتيم يومياً، في غياب أي رقابة حقيقية.
صمت رسمي يثير الريبة
وزارة الصيد البحري، وعلى رأسها الكاتبة العامة زكية الدريوش، على علم بكل هذه التجاوزات، وفق مصادر مطلعة. ومع ذلك، يظل الصمت سيد الموقف، في تجاهل يطرح أسئلة حادة: من يحمي هذه المجموعات؟ ومن يملك الجرأة لكسر دائرة النفوذ والمال؟
الجنوب بين الثروة والفقر
في مشهد يعكس التناقض، تستمر الداخلة، عاصمة الصيد البحري، في مواجهة بطالة مرتفعة، وبنية تحتية هشة، وقدرة شرائية متدهورة، بينما تُنزف خيرات البحر على مرأى الجميع. ثروات كان يفترض أن تدعم الاقتصاد الوطني وتخلق فرص عمل، تحولت إلى مصدر إثراء لفئة ضيقة على حساب أمة بأكملها.
أصوات تتحدى التجاهل
رغم التعتيم، لم يصمت الفاعلون النقابيون والمهنيون. مراراً طالبوا بتفتيش هذه المراكب، وفتح تحقيقات جدية في الكيفية التي تُستغل بها ثروات البحر، لكن أصواتهم غالباً ما قوبلت بالتهميش أو التجاهل.
دعوة عاجلة للمحاسبة
اليوم، تتعالى المطالبات بإحالة الملف إلى رئاسة الحكومة والمجلس الأعلى للحسابات، وربط المسؤولية بالمحاسبة، دون استثناء أي طرف. استنزاف الثروة البحرية بهذه الطريقة لم يعد مجرد خرق قانوني، بل جريمة اقتصادية وبيئية ضد الوطن والمواطن.