بعد عام من الزلزال العنيف الذي هز إقليم الحوز وخلف جروحاً عميقة في ذاكرة المغاربة، تتواصل أشغال إعادة بناء وتأهيل المنازل المتضررة في مراكش بوتيرة غير مسبوقة.
السلطات المحلية أعلنت أن نسبة تقدم الأشغال بلغت 85 في المائة، مع توقع بلوغ 90 في المائة مع نهاية شتنبر، و96 في المائة خلال الشهرين المقبلين. الأرقام تكشف عن سباق مع الزمن لإعادة الحياة إلى طبيعتها.
تجربة مغربية تتفوق على معايير دولية
رغم كل التحديات، أظهرت عملية إعادة البناء سرعة لافتة، متجاوزة تجارب دولية مشابهة استغرقت ثلاث سنوات على الأقل. في قلب مراكش، بباب دكالة، عاد معظم السكان إلى منازل أعيد بناؤها وفق الطابع المغربي التقليدي ومعايير مضادة للزلازل، ليعود الحي التجاري والسياحي النابض بالحياة إلى سابق عهده.
دعم مالي منتظم… وأمل متجدد
اعتمدت السلطات خطة دعم مالي مباشر للأسر المتضررة: 2500 درهم شهرياً لتغطية الإيجار والإيواء، و140 ألف درهم أو 80 ألف درهم مخصصة لإعادة البناء حسب حجم الضرر. هذه المساعدات ساعدت الأسر على مواجهة المرحلة الانتقالية، ومنحتها جرعة أمل ملموسة.
شهادات من قلب الحدث
أحمد أ رمان، أحد المستفيدين، عبّر عن سعادته العارمة بعد عودته إلى منزله الذي دُمّر بالكامل، مؤكداً أن ما تحقق “أعاد له الإحساس بالأمان والانتماء”.
أما أحمد لحم يشة فأكد أن أشغال إعادة بناء منزله توشك على الانتهاء، وأن أسرته تستعد للعودة خلال أسابيع قليلة. الفرح نفسه تقاسمه الصناع والتجار في قلب المدينة العتيقة الذين تضررت فنادقهم التقليدية جزئياً، لكنهم يستعدون اليوم لفتح أبوابهم من جديد.
عقبات محدودة… وإجراءات قانونية
رغم الإنجازات، ما تزال 4 في المائة من الحالات متعثرة، بسبب نزاعات عائلية بين الورثة أو مشاكل تقنية. السلطات تدخلت قانونياً بعد إشعار المعنيين، مؤكدة أن البناء حق وواجب لا يقبل التعطيل.
ما وراء الأرقام… ملحمة إنسانية
عملية إعادة الإعمار لم تكن مجرد جدران تُبنى، بل مسار طويل بدأ بإحصاء الأسر المتضررة، وإزالة أنقاض أكثر من 2300 منزل، وتعبئة لوجستية وإدارية هائلة لمنح التراخيص. ما تحقق حتى الآن ليس فقط إنجازاً عمرانياً، بل قصة صمود جماعي، حيث تلتقي العناية الملكية بالتعبئة الشعبية لتخط صفحة أليمة من تاريخ المغرب، وتفتح أخرى عنوانها الحياة.