في ليلةٍ كروية لا تُنسى على أرض الدوحة، كتب “أشبال الأطلس” واحدةً من أكثر صفحات كرة القدم المغربية فخرًا وتأثيرًا، بعد أن اكتسحوا منتخب كاليدونيا الجديدة بستة عشر هدفًا دون رد، ليُنعشوا آمالهم في التأهل إلى الدور الثاني من كأس العالم لأقل من 17 سنة، الجارية أطوارها في قطر.
بداية الإعصار المغربي
منذ الدقيقة الثالثة، كان واضحًا أن المغاربة جاؤوا إلى الميدان بعزيمة مختلفة. المدافع بلال سقراط افتتح المهرجان مبكرًا، ليطلق شرارة الانفجار الهجومي، قبل أن يضاعف وليد بنصالح النتيجة في الدقيقة 11، ثم يوقع الهدف الثالث في الدقيقة 18، مؤكدًا أن “أشبال الركراكي الصغار” جاؤوا لتصحيح المسار.
طردان يشلان الخصم… والمغرب لا يرحم
في الدقيقة 23، تلقى لاعب كاليدونيا الجديدة تيفان دروكو البطاقة الحمراء، قبل أن يلحقه زميله جيان كانيميز بعد ثماني دقائق فقط. ومن تلك اللحظة، تحولت المباراة إلى عرضٍ هجومي مغربي بامتياز، لا يعرف التوقف.
سيل من الأهداف… وسيمفونية مغربية في الدوحة
أمام النقص العددي، تفجرت المهارة المغربية في كل الخطوط. أبدع عبد العالي الداودي بتوقيع هدفين في الدقيقتين 41 و42، ثم أضاف إلياس حيداوي السادس، واختتم زياد باها الشوط الأول بالهدف السابع.
الشوط الثاني كان أكثر جنونًا: زكرياء الخلفاوي أضاف الثامن، ثم عاد باها ليوقع التاسع، قبل أن يُسجل ناهيل حداني العاشر والحادي عشر في فاصلٍ من المتعة. ومع توالي الأهداف إلى السادس عشر، اهتز ملعب “أسباير زون” بتصفيقات الجماهير المغربية التي لم تتوقف عن الغناء والهتاف للوطن.
روح الجماهير… الوقود الخفي وراء الانتصار
في المدرجات، لم تكن الأعلام المغربية مجرد رموز، بل كانت قلوبًا تنبض على وقع “النشيد الوطني”. هتافات الأطفال والعائلات التي جاءت من الدوحة ومدن خليجية مجاورة صنعت مشهدًا مؤثرًا، حيث تحوّل اللقاء إلى احتفال جماعي بالهوية والانتماء.
حسابات التأهل تعود للحياة
بهذا الانتصار الكاسح، رفع المنتخب المغربي رصيده إلى 3 نقاط، وارتقى إلى المركز الثالث بفارق أهداف بلغ +8. وفي المباراة الثانية من المجموعة نفسها، فاز المنتخب الياباني على البرتغال (2-1)، ليحتل الصدارة بـ7 نقاط، متبوعًا بالبرتغال بـ6 نقاط، ثم المغرب، بينما تجمد رصيد كاليدونيا الجديدة عند نقطة واحدة.
حلم عالمي يتجدد
تُشارك في البطولة 48 دولة من مختلف القارات، موزعة على 12 مجموعة، ويتأهل منها 32 منتخبًا إلى الدور المقبل. وبفارق الأهداف الكبير، باتت حظوظ “أشبال الأطلس” قوية في بلوغ الدور الثاني كأحد أفضل أصحاب المركز الثالث، في إنجاز سيكون تتويجًا لمسارٍ بدأ بخطة واضحة للاستثمار في المواهب الشابة المغربية.
رسالة من الجيل الصاعد
هذا الفوز لم يكن مجرد ردٍّ كروي على الخسارة السابقة أمام البرتغال، بل إعلان عن ميلاد جيلٍ جديد يؤمن بالقتال حتى النهاية، جيلٍ لا يعرف الاستسلام، ويضع علم المغرب في مقدمة الحلم العالمي.
في الدوحة، لم يكن الفوز بالستة عشر هدفًا مجرد رقم، بل وعدًا بمستقبلٍ يُكتب بأقدامٍ صغيرة تحمل قلب وطنٍ كبير.














