بقلم: سهيل القاضي
في مشهد يعكس عودة الحياة إلى أحد أكثر فضاءات طنجة رمزية، أعادت السلطات المحلية صباح السبت فتح ساحة “فارو”، المعروفة شعبيًا بـ”ساحة سور المعكازين”، بعد انتهاء أشغال التهيئة التي استغرقت قرابة شهر ونصف، مستهدفة الشطر العلوي من هذا الفضاء المفتوح على البحر والذاكرة.
والي الجهة يُشرف على الافتتاح ومواكبة ميدانية للأشغال
شهدت لحظة إعادة فتح الساحة حضور والي جهة طنجة تطوان الحسيمة، يونس التازي، الذي قاد جولة ميدانية رفقة طاقم تقني لتفقد مكونات المشروع، والوقوف على تفاصيل المعالجة الحضرية التي مزجت بين الطابع العصري واحترام روح المدينة القديمة.
زليج مغربي وشبكات هندسية… توازن بصري وهوية حضرية
تميزت الساحة بعد إعادة تأهيلها بتصميم أرضي شبكي يعتمد الزليج الرمادي العميق المتقاطع بخطوط بيضاء أنيقة، تتوسطها بلاطات مزخرفة بزخارف مغربية تقليدية، في تناغم فني دقيق.
كما جرى تثبيت أعمدة إنارة بطابع مزدوج يمزج بين الحديث والتقليدي، مع مقاعد حجرية وأحواض نباتية تحمل زهورًا بيضاء وشجيرات دائرية أضفت دفئًا طبيعيًا للمكان.
تحضيرات لموعد إفريقي وعالمي
إغلاق الساحة أواخر ماي الماضي جاء في سياق تدخلات موضعية لتأهيل فضاءات طنجة العمومية، تحضيرًا لاحتضان المدينة لموعدي كأس إفريقيا للأمم 2025 وكأس العالم 2030.
وفي هذا الإطار، تُمثل ساحة فارو نقطة استراتيجية في قلب المدينة، سواء من حيث الجاذبية السياحية أو القيمة الرمزية لدى الساكنة المحلية.
سور المعكازين… حين يصبح الجلوس على الحافة فعل انتماء
يُعرف المكان بين أبناء طنجة باسم “سور المعكازين“، ولا يرتبط بأي تجهيزات رسمية أو أنشطة منظمة، بل هو ببساطة فضاء تأملي حرّ، يستقبل العابرين والمتأملين في صمت البحر.
هو امتداد وجداني للذاكرة الجماعية الطنجاوية، مكان يجسّد العلاقة الحية بين الإنسان والمكان دون وسائط.
الشطر الثاني قادم… وساحة فنية تتشكل
تستمر حاليًا أشغال المرحلة الثانية من المشروع، والتي ستشمل الشطر السفلي من الساحة، في أفق إتمام رؤية حضرية متكاملة تجعل من هذا الفضاء نقطة التقاء بين التراث البصري والوظيفة الاجتماعية.
ومع هذا التحديث، لا تُعيد طنجة فقط تهيئة ساحة، بل تُرمم صلتها بمكان ظلّ لعقود مرآة لوجدان المدينة وروحها الشعبية.