إعداد: إدريس اسلفتو – ورزازات
في عام 2018، لم تكن الفيضانات العنيفة التي اجتاحت دوار “أزضل” بجماعة إمي نولاون (إقليم ورزازات) مجرد كارثة طبيعية، بل بداية لمسلسل طويل من المعاناة.
العشرات من المساكن الطينية انهارت، تاركة أسرًا بأكملها في العراء.
ومع التحذيرات الرسمية بإفراغ المنازل، تحركت الجهات المختصة لإطلاق مشروع سكني ضمن برنامج إعادة تأهيل المناطق القروية، على أمل أن تمنح هذه الأسر بداية جديدة. لكن الأمل انكسر قبل أن يكتمل البناء.
الوعود كانت كبيرة.. لكن المشروع توقف في منتصف الطريق
تم تخصيص عقار تبلغ مساحته 13 هكتارًا من أراضي الجموع (أيت زغار) بالقرب من الدوار، وتم تقديم التصاميم والتقسيمات والتراخيص، بل شُرع في تنفيذ المرحلة الأولى من المشروع.
إلا أن المرحلة الثانية علقت بشكل غامض، وظل عشرات السكان بين من عادوا إلى منازل مهددة بالسقوط، ومن استقروا في مساكن مؤقتة أو ضاقوا عند أقاربهم.
قرار الهدم.. مأساة قانونية فوق الركام
في 2024، تلقّت خمس أسر ضربة قاسية بعدما صدر قرار قضائي بهدم منازل أعادوا بناءها بأنفسهم داخل المشروع المتوقف.
والسبب؟ شكاوى من بعض سكان الدوار يتهمونهم بالترامي على ملك الغير.
رغم أن الأحكام الابتدائية كانت لصالح هذه الأسر، جاء حكم الاستئناف لينسف كل شيء، وأكد الإفراغ والمصادرة، وسط صدمة من السكان الذين اعتبروا المشروع تحت إشراف رسمي من وزارة الداخلية وسائر المصالح.
العودة إلى الخيام.. حين يتحول المؤقت إلى دائم
اليوم، تعيش أكثر من ثلاثين أسرة بين الخيام، أو في بيوت آيلة للسقوط، أو تحت رحمة أقاربهم. الكارثة لم تكن فقط فقدان المأوى، بل الاستسلام لوضع مأساوي أصبح عاديًا. الطرق المقطوعة، انعدام البنية التحتية، قساوة المناخ، خطر الانهيارات… كلها تفاصيل قاتلة تحاصر الدوار في عزلة مستمرة، خاصة في الشتاء.
صوت الأهالي: فين مشات الوعود؟
السلطات تتحدث عن انتهاء المرحلة الأولى، لكن السكان لا يزالون ينتظرون المرحلة الثانية التي لم ترَ النور.
يطالبون اليوم بإصدار تراخيص البناء، واستئناف الأشغال، وإطلاق تصور عمراني يخرجهم من هذا الوضع الكارثي.
فهل يُعقل أن يتحول مشروع إعادة إسكان ضحايا الفيضانات إلى قصة طرد وهدم وتشريد جديد؟
دوار أزضل.. مرآة لفشل السياسات الاجتماعية؟
قصة دوار أزضل ليست مجرد مأساة محلية، بل مرآة لخلل كبير في تنفيذ المشاريع الاجتماعية.
من فيضانات مدمرة إلى تأخر في التعويض، إلى مشاريع توقفت في منتصف الطريق، ثم قرارات قضائية زادت الجرح عمقًا… القصة تطرح سؤالًا حارقًا: من يحمي المواطن حين تنهار الدولة أمام أول اختبار؟