وسط هدير البارود وصهيل الخيول، تصنع “التبوريدة النسوية” حدثًا استثنائيًا في موسم مولاي عبد الله أمغار، أحد أعرق المواسم الدينية والثقافية بالمغرب. ثلاث سربات نسائية، بزي تقليدي أنيق وخطى واثقة، يسرن على المحرك الأول والثاني، فارضات حضورًا يضاهي أعتى السربات الرجالية، ومخلفات وراءهن إعجابًا وانبهارًا من الجمهور.
شغف يتوارث عبر الأجيال
الزاهية أبو الليث، أول علامة نسوية بدكالة، عرفت حب الخيل منذ طفولتها، حين كانت ترافق والدها إلى المواسم. عام 2003، أسست سربة نسائية أبهرت الحضور وأطلقت البارود من قلوبهم قبل بنادقها. تروي بفخر كيف أصبحت فارساتها جمهورًا منتظرًا بحد ذاته، وكيف يحظين باحترام نظرائهن من الرجال الذين يفتحون لهن ساحة المحرك دون قيود الدور المعتادة.
بين المهارة والرمزية
في الميدان، تتجلى شجاعة الفارسات وقوتهن في التحكم بالخيول وإطلاق البارود بدقة متناهية. بالنسبة لنورا البداوي، المشاركة للمرة الثالثة، فالموسم ليس مجرد عرض فرجوي، بل فرصة لإحياء تراث مغربي ضارب في الجذور، يرمز للتنوع الثقافي ويفتح الباب أمام النساء لدخول مجالات طالما ارتبطت بالرجال.
تراث حيّ يلهب الخيال
عروض “التبوريدة النسوية” صنعت لنفسها جمهورًا وفيًا من الرجال والنساء، وأسهمت في ارتفاع نسبة مشاركة النساء في المواسم التراثية. إنها ليست مجرد لحظة ترفيه، بل رسالة قوية عن قدرة المرأة على صون التراث ونقله للأجيال القادمة، وإضفاء لمستها الخاصة على أحد أعرق الفنون المغربية.
موسم يحتفي بالأصالة والهوية
موسم مولاي عبد الله، المنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس حتى 16 غشت، يتوزع بين أنشطة دينية وروحية، ومحاضرات فكرية، وعروض للصيد بالصقور والتبوريدة، وأمسيات فنية، في لوحة حية تجسد الأصالة المغربية بكل تنوعها وثرائها.