بقلم : هشام إتودي
أعطى جلالة الملك محمد السادس، الثلاثاء، انطلاقة مشاريع سككية مهيكلة في الدار البيضاء، بغلاف مالي يناهز 20 مليار درهم، ضمن برنامج وطني شامل رُصد له ما مجموعه 96 مليار درهم. هذه المشاريع تأتي استجابةً لتحديات التنقل الحضري المتزايدة في الحاضرة الكبرى، وتندرج في رؤية استراتيجية تهدف إلى جعل النقل السككي رافعة للتنمية والاندماج الحضري.
ثلاث محطات رئيسية من الجيل الجديد
يتضمن المخطط تشييد ثلاث محطات كبرى:
- محطة الدار البيضاء-الجنوب (700 مليون درهم)، بطاقة استيعابية تبلغ 12 مليون مسافر سنوياً، ستربط عبر “البراق” وقطارات القرب والقطارات الجهوية و”آيرو-إكسبريس” نحو مطار محمد الخامس.
- محطة الملعب الكبير الحسن الثاني ببنسليمان (450 مليون درهم)، بطاقة 12 مليون مسافر.
- محطة مطار محمد الخامس الدولي (300 مليون درهم)، بطاقة 5 ملايين مسافر.
هذه المحطات، المقرر إنجازها في غضون 24 شهراً، صُممت لتكون بنيات متعددة الوسائط، تربط القطارات بالترامواي والحافلات وسيارات الأجرة، وتساهم في إنعاش أحياء جديدة للأعمال والتنمية.
شبكة متكاملة لقطارات القرب
المشروع يشمل تطوير ثلاثة خطوط رئيسية لقطارات القرب تمتد على 92 كيلومتراً، بقدرة استيعاب تصل إلى قطار كل 7,5 دقائق. كما سيتم بناء عشر محطات جديدة مثل “سيدي البرنوصي”، “الحي المحمدي” و“النواصر”، إلى جانب إعادة تأهيل خمس محطات قائمة. عند دخولها الخدمة سنة 2030، ستنقل الشبكة 150 ألف مسافر يومياً، مما سيسهم في تخفيف الضغط المروري وضمان ربط فعال بين الأقطاب الحضرية الكبرى.
دعم وطني ودولي للصناعة السككية
إلى جانب البنية التحتية، يتضمن البرنامج اقتناء 48 قطاراً جديداً بسعة تفوق 1000 مقعد وسرعة 160 كلم/ساعة، بكلفة 7 مليارات درهم. الشركة الكورية الجنوبية “هيونداي روتيم” ستُنشئ مصنعاً بالمغرب لتصنيع هذه القطارات، ما سيشكل قاطرة صناعية وطنية تعزز الاكتفاء الذاتي وتفتح آفاقاً للتصدير.
أثر اجتماعي واقتصادي مستدام
تمويل هذه المشاريع يتم بنسبة 70% من المكتب الوطني للسكك الحديدية و30% من الشركاء المحليين. وإلى جانب تحسين التنقل الحضري والجهوي، يُنتظر أن تُحدث هذه الاستثمارات دينامية اقتصادية جديدة عبر خلق فرص عمل، وتحفيز الاستثمارات، والمساهمة في حماية البيئة. كما ستعزز من جودة حياة المواطنين، من خلال تقليص زمن التنقل وتوفير خدمات حديثة وآمنة.
أفق 2030.. نحو تنقل حضري مستدام
لا يقتصر المشروع على تطوير البنيات التحتية فحسب، بل يعكس رؤية شمولية لتأهيل الدار البيضاء الكبرى وربطها بمحيطها الوطني والدولي. ومع دخول هذه المشاريع حيز التنفيذ في أفق 2030، سيكون المغرب قد قطع خطوة استراتيجية نحو بناء منظومة نقل حضرية وجهوية حديثة، مستدامة، ومرتبطة بالمعايير الدولية.