من المنتظر أن يترأس الملك محمد السادس، مساء اليوم، بالقصر الملكي، مجلسًا وزاريًا بالغ الأهمية يتصدر جدول أعماله تحديد التوجهات العامة لمشروع قانون المالية لسنة 2026، وفقًا للفصل 48 من الدستور.
الاجتماع الملكي يأتي في ظرف سياسي واجتماعي دقيق، يجعل من هذا المجلس أكثر من مجرد محطة دستورية دورية، بل منعطفًا لتصحيح المسار وتوجيه البوصلة الاقتصادية للبلاد نحو أولويات جديدة تفرضها المرحلة.
إلغاء استثنائي لاجتماع الحكومة: إشارة إلى ثقل الحدث
في خطوة لافتة، ألغت رئاسة الحكومة اجتماعها الأسبوعي المعتاد الذي يُعقد كل خميس، بعدما تم إبلاغ الوزراء بالاستعداد لحضور المجلس الوزاري برئاسة الملك.
هذا الإجراء الاستثنائي يعكس أهمية الملف المالي الذي يُنتظر أن يرسم ملامح السنة الأخيرة من الولاية الحكومية الحالية، ويحدد المساحات المتاحة أمامها لتقديم حصيلتها في ظل ضغط الشارع وتحديات الإصلاح.
قانون مالية 2026: بين طموح الدولة ومطالب الشارع
يحمل مشروع قانون مالية 2026 رمزية مزدوجة: فهو من جهة آخر قانون مالي لحكومة عزيز أخنوش، ومن جهة أخرى محكّ حقيقي أمام تصاعد الاحتجاجات الاجتماعية في عدد من مدن المملكة.
احتجاجات شباب “جيل Z” على واقع الصحة والتعليم والتشغيل وضعت الحكومة أمام مسؤولية غير قابلة للتأجيل، بعدما أقرت بنفسها بشرعية تلك الأصوات، وتعهدت بتحويل “الاستماع” إلى “إصلاح فعلي”.
لذلك، ينتظر المراقبون أن يشكل هذا القانون المالي اختبارًا لمدى قدرة الحكومة على الموازنة بين متطلبات التوازنات الماكرو اقتصادية والعدالة الاجتماعية التي يطالب بها الشارع.
المرحلة التالية: من القصر إلى البرلمان
ومباشرة بعد المجلس الوزاري، سيدعو رئيس الحكومة عزيز أخنوش إلى اجتماع حكومي خاص لتدارس النسخة النهائية من مشروع القانون المالي، قبل إحالته على مكتب مجلس النواب يوم الإثنين 20 أكتوبر كأقصى أجل.
بين مناقشات القصر ومداولات البرلمان، يبدو أن قانون مالية 2026 لن يكون مجرد وثيقة تقنية للأرقام والضرائب، بل مرآةً لمدى قدرة الدولة على تجديد عقدها الاجتماعي مع المواطنين.