إعداد : سهيل القاضي
في مدينة لا تنام كطنجة، تعيش ساكنة حي مغوغة الصغيرة على إيقاع معاناةٍ يومية مع أزمة النقل العمومي، معاناةٌ تجاوزت عقدًا من الزمن دون أن تجد طريقها إلى الحل.
اثنا عشر عامًا من الشكايات والوقفات والوعود المؤجلة، فيما لا يزال التلاميذ والعمال والمرضى يقطعون كيلومترات سيراً على الأقدام للوصول إلى أقرب وسيلة نقل، في مشهد يُلخص فجوةً مؤلمة بين المواطن ومؤسساته.
صرخة من المجلس إلى الشارع: “كفى مشيًا في عزّ الشتاء”
في دورة يونيو 2025 لمجلس مقاطعة مغوغة، أعادت المستشارة فاطمة الزهراء علوش الملف إلى الواجهة بجرأة غير معهودة، قائلة:
“لا يُعقل أن يضطر السكان للمشي أكثر من 45 دقيقة للوصول إلى أقرب وسيلة نقل، في عزّ الشتاء وحرّ النهار.”
دعوة علوش تحولت سريعًا إلى فعلٍ ميداني، إذ خرجت الساكنة في وقفة احتجاجية يوم 12 شتنبر، رافعةً مطلبًا بسيطًا: “نريد حافلة… فقط حافلة.”
الوعود تتجدد… لكن الطريق مازال طويلاً
بعد الوقفة، حضرت السلطات المحلية وقدمت وعودًا بتوفير الحافلات خلال أسبوع. لكن الأسبوع مرّ، تلاه آخر، دون أن يتحرك شيء.
وعندما عاد الغضب الشعبي إلى الشارع، انضمت وسائل الإعلام المحلية والوطنية لتوثّق الوجع الجماعي وتسلّط الضوء على غياب العدالة في الخدمات الأساسية.
العمدة ينزل إلى الميدان… والحلّ نصف حافلة
تحت ضغط الشارع، قرر عمدة مدينة طنجة النزول إلى عين المكان، في خطوةٍ لاقت ترحيبًا أوليًا من الساكنة. وبعد اللقاء، تمّ بالفعل توفير حافلتين صغيرتين.
لكن الفرح لم يدم طويلاً، فالحافلتان لم تستوعبا الكمّ الهائل من الركاب، واختفت إحداهما بعد يومٍ فقط، لتعود الأزمة إلى نقطة الصفر.
مشهد ساخر ومؤلم في آن: حيّ بأكمله يتقاسم حافلة واحدة.
حافلة تُعيد الأمل… ولكنها تكشف الحقيقة
رغم محدودية الحل، عبّر السكان عن امتنانهم لعودة النقل ولو جزئيًا. غير أن فرحتهم الصغيرة حملت سؤالاً كبيرًا:
هل يُعقل أن تحتفل ساكنة بأكملها فقط من أجل حافلة؟
وماذا عن جيلٍ كاملٍ ما زال ينتظر حقه في الصحة والتعليم والكرامة؟
وهل كان حضور العمدة استجابةً صادقة لمعاناة الناس أم حركةً انتخابية محسوبة؟
بين الغضب والرجاء… مغوغة الصغيرة لا تستسلم
قصة هذا الحي ليست مجرد معاناةٍ مع النقل، بل مرآة لمأزقٍ أكبر تعيشه أحياء الهامش في المدن المغربية.
هنا، وسط طرقٍ متشققة وأحلامٍ مؤجلة، ما زال الناس يؤمنون أن صوتهم — مهما تأخر صداه — قد يصل يومًا ما.















