إعــداد: نبيــل أخــلال
في زمن يُمجّد الجرأة ويُشجّع على الظهور، يجد الأشخاص الخجولون أنفسهم في مواجهة نظرة مجتمعية تُقصيهم من دائرة التأثير، وتُشعرهم وكأنهم “خارج اللعبة”. ورغم أن الخجل ليس مرضًا ولا عيبًا، إلا أن تأثيره النفسي والاجتماعي يظل حاضرًا بقوة، خاصة حين يُقابل بالصمت أو التجاهل.
الخبير في التواصل والإعلام، محمد ودغيري الإدريسي، يرى أن الخجل ليس سلوكًا فطريًا، بل هو نتيجة تراكمات تربوية تبدأ من الطفولة، حين يُربّى الطفل في بيئة تُكثر من النقد وتُقلّل من قيمة التعبير، مما يزرع في داخله شعورًا بعدم الأحقية في الكلام. هذا الصمت المبكر يرافقه لاحقًا في مختلف مراحل الحياة: في الدراسة، في العمل، وفي العلاقات الشخصية.
لكن ودغيري الإدريسي يؤكد أن الخجل ليس حالة دائمة، بل يمكن تجاوزه عبر التواصل والممارسة. فكل خطوة نحو التعبير، مهما كانت بسيطة، تُعدّ تمرينًا على الشجاعة، وكل تفاعل مع الآخر يُعزز الثقة بالنفس. ويضيف أن التواصل ليس مجرد تبادل للكلمات، بل هو موقف واختيار للوجود والمشاركة.
ويبرز الخبير أهمية لغة الجسد في بناء صورة قوية عن الذات، حيث أن الوقفة الواثقة والنظرة المباشرة تُرسل رسائل إيجابية حتى وإن كان الشخص لا يزال يواجه مخاوفه داخليًا. فالجسم، كما يقول، “يتحدث قبل أن نتكلم”، ويُساهم في إيصال الرسائل دون الحاجة إلى كلمات.
أما عن علاج الخجل، فيرى ودغيري الإدريسي أن الأمر لا يرتبط بالأدوية، بل بالإرادة والعزيمة. فالإيمان بالذات هو الخطوة الأولى نحو التحرر من التردد، والاعتراف بالأخطاء جزء من مسار التعلم. من يخطئ اليوم، يتقن غدًا، ومن يصمت اليوم، قد يتحدث بثقة في المستقبل.
ويختم ودغيري الإدريسي بالتأكيد على أن التواصل ليس موهبة فطرية، بل مهارة مكتسبة، تُبنى تدريجيًا عبر التجربة والانفتاح على الآخر. لذلك، ينصح بعدم الهروب من الناس أو المواقف، بل بمواجهتها والتعبير والابتسام، لأن النية الطيبة والبساطة كفيلتان بتجاوز أي تردد.














