لسنوات، شكّل اقتناء سيارة هجينة أو كهربائية في المغرب خياراً ذهبياً، بفضل إعفاءات ضريبية سخية جعلت من السيارات النظيفة بديلاً مغرياً رغم كلفتها المرتفعة. لكن هذا “العصر الأخضر” يبدو اليوم على وشك التحول، مع بروز مؤشرات قوية تنذر بمرحلة جديدة قد تحمل معها مراجعة ضريبية شاملة ابتداءً من سنة 2026.
سويسرا تُطلق صافرة الإنذار
بعيداً عن الرباط، وفي برن تحديداً، أعلنت الحكومة السويسرية – وفق تقرير لموقع Swissinfo – عن مشروع قانون جديد يفرض ضرائب على السيارات الكهربائية ابتداءً من 2030. خطوة اعتبرها خبراء “جرس إنذار عالمي” للدول التي تعتمد إعفاءات مكلفة لتحفيز الانتقال الطاقي.
وتقترح سويسرا ضريبة تُحتسب بطريقتين:
- حسب عدد الكيلومترات المقطوعة ووزن السيارة
- أو على أساس استهلاك الكهرباء أثناء الشحن بمعدل 22.8 سنتيماً للكيلوواط ساعة
هدف هذه الضريبة واضح: تعويض الخسائر في مداخيل الوقود التي كانت تموّل صيانة الطرق والبنية التحتية.
تجربة المغرب: نجاح يضغط على الميزانية
في المغرب، شكّلت الإعفاءات الضريبية منذ سنوات حجر الزاوية في استراتيجية انتقال طاقي طموحة. فقد دفعت المستهلكين نحو السيارات الهجينة ثم الكهربائية، ما أدّى إلى ارتفاع غير مسبوق في المبيعات خلال السنوات الأخيرة.
لكن هذا النجاح حمل معه ضغطاً متزايداً على موارد الدولة:
فكل سيارة خضراء جديدة تعني تناقصاً في ضرائب الوقود التي كانت تمول شبكة الطرق الكبری.
ومع اتساع قاعدة المستفيدين، أصبحت الإعفاءات نفسها عبئاً مالياً يحتاج إلى إعادة تقييم.
2026: سنة التحول المرتقبة
ملاحظات تقنية حديثة على منصة أداء الضرائب، وتحديثات إدارية متزامنة، تلمّح بوضوح إلى أن الدولة تستعد لإصلاح ضريبي قد يرى النور سنة 2026. الإصلاح المرتقب يهدف إلى تحقيق توازن دقيق بين:
- تشجيع السيارات الصديقة للبيئة
- والحفاظ على مداخيل تضمن استدامة البنية التحتية الطرقية
خبير اقتصادي: “الضريبة كانت مسألة وقت”
يقول الدكتور ياسين عليا، أستاذ الاقتصاد وباحث في السياسات العمومية، في تصريح لجريدة “العمق”:
“كان من المتوقع أن يتم فرض ضريبة على السيارات الهجينة والكهربائية في المستقبل، نظراً لتوسع أسطول هذه السيارات في المغرب وما يصاحبه من فقدان لمداخيل الضرائب التقليدية.”
ويرى عليا أن التحولات الأوروبية، خصوصاً منع بيع السيارات العاملة بالوقود الأحفوري ابتداءً من 2035، ستفرض تلقائياً إعادة ضبط السياسات الضريبية في دول مثل المغرب.
بين البيئة والميزانية… معادلة دقيقة
التحدي الأكبر أمام المغرب اليوم هو إيجاد نموذج ضريبي لا يخنق الحوافز البيئية، وفي الوقت ذاته لا يستنزف مالية الدولة. فمع كل سيارة تعمل بالكهرباء، تخسر الدولة جزءاً من الضرائب التي كانت تشكل مصدراً أساسياً لصيانة الطرق.
ماذا بعد؟
حتى اللحظة، لا توجد أي قرارات رسمية حول إلغاء أو تعديل الإعفاءات. لكن كل المؤشرات – التقنية، الإدارية، المالية – تشير إلى أن 2026 قد تكون سنة المراجعة الكبرى.
مراجعة تبحث عن توازن بين مستقبل نظيف، ومالية عامة مستقرة، ونمو متسارع لسوق السيارات الخضراء.













