بين دموع الفرح والقلق الخفي: اكتئاب ما بعد الولادة ليس عيبًا بل نداء استغاثة

هجر القاسمي28 يونيو 2025آخر تحديث :
بين دموع الفرح والقلق الخفي: اكتئاب ما بعد الولادة ليس عيبًا بل نداء استغاثة

لحظة ولادة الطفل لا تشبه أي لحظة أخرى في حياة المرأة.

هي مزيج مربك من الفرح والإرهاق، من الحب الجارف والتوجس الخفي.

وفي خضم هذه العاصفة العاطفية، قد تجد الأم نفسها غارقة في مشاعر غير مفهومة: بكاء بلا سبب، توتر لا يهدأ، أو حتى شعور بالذنب وسط المفترض أنه “أسعد أيام الحياة”.

فهل هذا طبيعي؟ ومتى يتحوّل إلى ناقوس خطر يستدعي تدخّلًا طبيًا؟

كآبة ما بعد الولادة: شائعة، مؤقتة، لكنها مرهقة

تُصيب كآبة ما بعد الولادة (Baby Blues) حوالي 70 إلى 80% من الأمهات الجدد. تبدأ خلال الأيام الأولى وتستمر لأيام قليلة، ولا تتطلب غالبًا علاجًا طبيًا، بل مجرد احتواء ودعم.

علاماتها الأكثر شيوعًا:

  • نوبات بكاء مفاجئة
  • اضطرابات في النوم رغم الإرهاق
  • قلق وتوتر غير مبرر
  • تقلبات حادة في المزاج

هذه الحالة، رغم شيوعها، ليست سهلة، لكن الأمل أنها عابرة وتختفي دون تدخل طبي.

اكتئاب ما بعد الولادة: حين يتجاوز الحزن حدوده

في بعض الحالات، لا يختفي الضيق… بل يتضخم ويُظلم. هنا نتحدث عن اكتئاب ما بعد الولادة (Postpartum Depression)، حالة نفسية حقيقية وخطيرة، تبدأ بعد الولادة بأسابيع أو حتى أشهر.

أعراض يجب عدم تجاهلها:

  • شعور مستمر بالحزن أو الفراغ
  • انعدام الحماس وفقدان الاهتمام بالطفل أو الذات
  • الإحساس بالذنب أو بانعدام القيمة
  • اضطرابات في الشهية والنوم
  • أفكار سوداوية، أو رغبة في الأذى الذاتي

هذه ليست مجرد “لحظات ضعف”، بل صرخة داخلية تطلب إنقاذًا.

من الأكثر عرضة لاكتئاب ما بعد الولادة؟

  • النساء ذوات سجل نفسي سابق مع الاكتئاب أو القلق
  • من خضن ولادة صعبة أو مفاجئة
  • من يعانين من ضعف في الدعم الأسري أو الزوجي
  • في حال وجود ضغوط مالية أو علاقات متوترة
  • في حالات الحمل غير المرغوب فيه أو المفاجئ

متى يكون طلب المساعدة ضرورة لا خيارًا؟

توجهي لطبيب أو مختص نفسي إذا:

  • استمرت الأعراض لأكثر من أسبوعين
  • شعرتِ بعدم القدرة على الاهتمام بنفسك أو بطفلك
  • راودتك أفكار انسحابية أو مؤذية
  • أصبح الإرهاق النفسي يخنق يومك ويعزل علاقاتك

الاعتراف بالحاجة إلى مساعدة ليس ضعفًا… بل قوة استثنائية.

كيف تتجاوزين اكتئاب النفاس؟ إليكِ خطوات التعافي:

  • تحدثي بصدق: لا تخفي مشاعرك، شاركيها مع مختصين تثقين بهم.
  • اطلبي الدعم دون خجل: الشريك، العائلة، أو حتى صديقة وفية.
  • امنحي نفسك وقتًا للتعافي: لا يوجد “أم مثالية” في اليوم الأول.
  • ارحمي نفسك: الاكتئاب ليس فشلًا، بل تحدٍ صحي قابل للعلاج.

رسالة لكل أم جديدة:

لا تشعري بالذنب إن لم “تفرحي كما يجب”. جسدك وعقلك يمران بزلزال حقيقي. كل دمعة لا تُقلل من حبك لطفلك، بل تؤكد أنك إنسانة تمرّ بتحوّل عظيم.
والأهم: أنتِ لستِ وحدك، ولستِ أقل من أي أم أخرى.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة