في مشهد مؤثر ومفعم بالدلالات، شهدت منطقة ابن مسيك بالدار البيضاء، يوم الأربعاء، حدثًا مفصليًا في معركة القضاء على السكن غير اللائق، حيث أشرفت السلطات الإقليمية على هدم آخر البنايات الآيلة للسقوط في حي درب خليفة، المعروف شعبيًا باسم “الحفرة”.
لحظة طال انتظارها، أنهت معها المدينة عقودًا من الهشاشة والعزلة العمرانية التي طبعت هذا الحي الشهير.
توجيهات ملكية… من أجل سكن كريم للجميع
العملية تندرج في سياق تنزيل التوجيهات الملكية السامية، الهادفة إلى تحسين ظروف العيش وضمان السكن اللائق للمواطنين.
وقد تمت وفقًا لمقتضيات القانون 94.12 المتعلق بالمباني الآيلة للسقوط، والمرسوم التطبيقي 2-17-586، الذي يضع إطارًا قانونيًا وتقنيًا للتدخل في الأحياء الهشة والعشوائية.
تنسيق مؤسساتي ميداني لتجاوز التحديات
لم يكن هذا الإنجاز وليد لحظة، بل ثمرة مسار طويل من التنسيق والعمل الميداني، قادته عمالة مقاطعات ابن مسيك، إلى جانب لجنة إقليمية ضمت شركاء مؤسساتيين، من بينهم جماعة الدار البيضاء، شركة الإسكان، وزارة التعمير، المصالح الأمنية والوقاية المدنية، وغيرها من الجهات المعنية.
وقد ساهم هذا التنسيق في تجاوز الإكراهات العقارية والاجتماعية والإدارية التي عادةً ما تُعقّد مثل هذه المشاريع.
40.7 مليون درهم لإنقاذ 686 أسرة من خطر الانهيار
بلغت الكلفة الإجمالية للمشروع حوالي 40.7 مليون درهم، وتمكن من ترحيل 686 أسرة كانت تقطن في ظروف سكنية صعبة، وسط بنايات مهددة بالسقوط.
وتم توزيع المستفيدين وفق معايير اجتماعية دقيقة:
- 93 أسرة نُقلت إلى شقق مجهزة بحي الولاء.
- 378 أسرة إلى “إقامة محسن”.
- 201 أسرة إلى “حدائق ابن مسيك”.
- 14 أسرة إلى مشروع سكني ببوسكورة.
“فرصة حياة جديدة”: الأسر المستفيدة تُثمن المبادرة
تعددت شهادات الامتنان من طرف الأسر المرحّلة، والتي اعتبرت المبادرة “بداية جديدة في حياة كريمة وآمنة“.
أولياء الأمور تحدثوا عن ارتياحهم لمغادرة حياة الخطر اليومي، مؤكدين أن السكن الجديد سيمنح أبناءهم فرصًا أفضل للنمو والتعلم في بيئة نظيفة ومحفزة.
بداية التحول… والدار البيضاء تستعد لمرحلة جديدة
“هدم حي الحفرة” ليس مجرد عملية تقنية، بل محطة فارقة في مسار مدينة تنشد التخلص من تركة الأحياء العشوائية التي أرّقت توازنها العمراني لعقود.
السلطات المحلية تؤكد أن هذه الخطوة لن تكون الأخيرة، بل تأتي ضمن برنامج وطني طموح يستهدف القضاء التام على السكن غير اللائق ودور الصفيح، لا سيما في جهة الدار البيضاء – سطات، التي تضم نسبة كبيرة من الأحياء الهشة.