قبيل أسابيع قليلة من الدخول المدرسي، وجد مئات التجار في درب عمر أنفسهم أمام أزمة غير مسبوقة. آلاف الحقائب والمحفظات المدرسية القادمة من أوروبا وآسيا توقفت عند بوابات ميناء الدار البيضاء، بعدما قررت إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة حجزها بسبب غياب تأشيرة المختبر المختص بمراقبة الجودة، الوثيقة التي أصبحت إلزامية قبل دخول أي منتج إلى السوق المغربية.
شروط جديدة.. وتعقيدات أثقلت كاهل المستوردين
وزارة الصناعة والتجارة فرضت، مؤخراً، شروطاً وصفت بـ”القاسية”، جعلت عملية الاستيراد أكثر تعقيداً. من أبرزها إلزامية إخضاع الحقائب لاختبارات في مختبرات خاصة، بتكلفة تفوق 12 ألف درهم لكل عملية، إضافة إلى مصاريف التخزين والرسوم المينائية.
تجار درب عمر يؤكدون أن العملية التي كانت في السابق تمر بسلاسة، باتت اليوم مليئة بالعراقيل البيروقراطية، مما أدى إلى خسائر مالية ضخمة وإرباك سوق يرتبط مباشرة بموسم حساس للأسر المغربية.
بين معايير غير واقعية.. ومناخ مختلف
سعيد فرح، الكاتب العام لجمعية اتحاد تجار ومهنيي درب عمر، أوضح أن بعض الشروط التقنية لا تنسجم مع الواقع المغربي. إذ تفترض الاختبارات ظروفاً مناخية قاسية، مثل أمطار غزيرة ومتواصلة، لا يعرفها المغرب إلا نادراً. هذا التباين، يقول فرح، جعل منتجات صالحة ومطابقة لاحتياجات السوق المحلية تُرفض بشكل آلي.
المستهلك بين المطرقة والسندان
الأزمة لم تضرب التجار فقط، بل انعكست مباشرة على الأسر المغربية. فملايين الحقائب ما تزال محجوزة، فيما يقترب الموسم الدراسي بخطوات متسارعة. النتيجة: نقص في العرض، ارتفاع محتمل في الأسعار، وإحباط لدى آلاف الأسر التي تنتظر تجهيز أبنائها.
تجار الجملة، الذين اعتادوا بيع الحقائب بأسعار تتراوح بين 400 و500 درهم، يرون أن استمرار الوضع الحالي سيجعل هذه الأثمنة مرشحة للارتفاع، مع اتساع رقعة الخسائر المادية.
دعوة إلى الموازنة بين حماية المستهلك واستمرارية التجارة
وسط هذا المشهد، تتعالى الأصوات المطالبة بمراجعة هذه الشروط التنظيمية، بما يضمن حماية المستهلك فعلاً، دون خنق دورة اقتصادية يعتمد عليها آلاف التجار والمهنيين كمورد رئيسي للعيش.
فالمعادلة صعبة: حماية الجودة من جهة، وإنقاذ تجارة موسمية بأكملها من الانهيار من جهة أخرى.