في خطاب حازم لا لبس فيه، وجّه عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، رسائل شديدة اللهجة إلى المنتخبين والمسؤولين الذين تورطوا في ملفات فساد أو استغلال غير مشروع لأراضي الدولة والجماعات الترابية، مؤكداً أن زمن التساهل مع مثل هذه الممارسات انتهى بلا رجعة.
وقال لفتيت أمام لجنة الداخلية بمجلس النواب، خلال عرضه لمشروع الميزانية الفرعية لوزارته برسم سنة 2026، إن الدولة عازمة على استرجاع كل العقارات التي تم الاستحواذ عليها بطرق غير قانونية، مبرزاً أن القانون سيأخذ مجراه “مهما كان موقع المخالف أو نفوذه”.
“اللي دا شي أرض ولا درهم، يردّهم… وإلا غنوصلو معاه لخزيت”
في لهجة غير معتادة داخل قبة البرلمان، قال لفتيت بوضوح:
“اللي دا شي أرض ديال الجماعة أو دار شي مشروع ماشي من حقو، خصو يردها… وإلا غنوصلو معاه لخزيت.”
وأضاف بنبرة لا تخلو من تحذير:
“اللي دا شي درهم ماشي ديالو، من الأحسن يردو بإرادتو، وإلا غايردّو بزز.”
تصريحات الوزير تعكس توجهًا صارمًا نحو المحاسبة والمساءلة، وتؤشر على بداية مرحلة جديدة في مواجهة الفساد المحلي بشجاعة سياسية غير مسبوقة.
الدار البيضاء أولاً… ومدن أخرى في الطريق
أوضح لفتيت أن مصالح وزارة الداخلية تعمل حالياً بشكل مكثف في مدينة الدار البيضاء لتحرير الملك العمومي ومراقبة تدبير الشأن المحلي، مؤكداً أن العملية لن تتوقف عند العاصمة الاقتصادية، بل ستشمل مدناً أخرى في القريب العاجل، في إطار حملة وطنية شاملة لإعادة الانضباط إلى المشهد المحلي.
إشادة بالأغلبية النزيهة من المنتخبين
رغم حدّة خطابه، شدد وزير الداخلية على أن الغالبية الساحقة من المنتخبين في المغرب نزهاء ويؤدون مهامهم بإخلاص ومسؤولية.
وقال: “أغلب المنتخبين نقيين وخدامين لصالح الوطن، ولكن القلة الفاسدة هي اللي كتسيء لصورتهم.”
بهذا التصريح، حاول لفتيت الفصل بين من يسيئون استخدام السلطة ومن يكرسونها لخدمة المصلحة العامة، في رسالة مزدوجة تجمع بين الردع والإنصاف.
تحول جذري في فلسفة التدبير المحلي
تصريحات لفتيت، بما حملته من وضوح وصراحة، تعكس تحوّلاً في منهجية الدولة تجاه تدبير الشأن المحلي، قوامه المحاسبة أولاً والشفافية دائماً.
هي دعوة صريحة لإعادة الاعتبار لثقة المواطن في مؤسسات بلاده، وإشارة إلى أن “عهد الإفلات من العقاب” يقترب من نهايته.















