إعداد: أمين دنون
في الوقت الذي كان فيه عشاق السينما ينتظرون أن يعود سعيد الناصري بعمل فني يرقى إلى مستوى تطلعات الجمهور المغربي، جاء فيلمه الجديد “الشلاهبية” ليُثير الجدل أكثر مما قدّم من إبداع. واللافت أن عنوان الفيلم لم يكن مجرد اختيار فني، بل أصبح مرآة تعكس واقعًا مغايرًا خلف الكواليس، حيث اجتمعت فيه مظاهر الاستغلال، والإقصاء، والازدواجية بين الخطاب والممارسة.
استغلال إعلاميين بلا صفة مهنية!
من أبرز ما أثار استنكار الجسم الصحفي، هو استعانة الناصري بعدد من الأشخاص قدّموا أنفسهم كمراسلين صحفيين دون أن يتوفروا على بطاقة مهنية معترف بها من المجلس الوطني للصحافة. هذا السلوك، الذي يتعارض مع القوانين المنظمة للمهنة، يُعدّ إساءة مباشرة للإعلاميين الحقيقيين الذين يلتزمون بأخلاقيات المهنة وبقواعدها المهنية الصارمة.
وقد عبّر عدد من الصحفيين الحقيقيين عن غضبهم من هذا السلوك، معتبرين أنه استغلال لاسم المهنة في أعمال تجارية لا تحترم أخلاقيات الحقل الإعلامي.
إقصاء المشاركين ومنع الصحفيين!
ما زاد من لهيب الجدل، هو ما وقع خلال العرض ما قبل الأول للفيلم، أمس بالدار البيضاء، حين تم منع عدد من المراسلين الصحفيين من دخول القاعة، رغم أنهم ساهموا في إنجاح العمل أو في تغطيته إعلاميًا.
إحدى المشاركات أكدت لمصدرنا قائلة:
> “كنا من بين من ساهموا في إنجاح العمل، لكن حين جاء يوم العرض، وجدنا الأبواب مغلقة في وجوهنا وكأننا لا شيء!”
وشهادة أخرى من مراسل شاب قال:
> “استُعملنا أثناء التصوير، وحين جاء وقت التتويج الإعلامي، أُقصينا وكأننا لم نكن!”
هبة ملكية لم تُستثمر كما وُعِد بها
بعيدًا عن الفيلم، يطفو إلى السطح ملف الأرض التي كانت هبة ملكية من صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، قُدمت لسعيد الناصري من أجل مشروع يخدم المصلحة العامة. غير أن الواقع، حسب وثائق ومراسلات تم توجيهها في وقت سابق إلى الوالي السابق لمدينة الدار البيضاء، يؤكد أن الأرض ما زالت إلى اليوم خارج أي استثمار حقيقي أو مشروع نافع كما وُعِد به أمام الملك والشعب.
سؤال كبير يطرح نفسه بإلحاح: أين ذهبت وعود الاستثمار؟ وأين المشروع الذي كان يُفترض أن يعود بالنفع على المواطنين؟
فيلم “الشلاهبية”.. عنوان يختصر كل شيء
من المفارقات المثيرة أن اسم الفيلم – “الشلاهبية” – ينطبق تمامًا على ما يجري وراء الكواليس: ممارسات ملتوية، استغلال للمهنة، وإقصاء للمشاركين.
ويبدو أن الجمهور المغربي لم يعد يُخدع بالصور اللامعة أو الضحكات المصطنعة، بل صار يُدرك جيدًا أن وراء بعض الأعمال الفنية “شلاهبية” حقيقية تمارس في الخفاء.
الوسط الفني المغربي في حاجة إلى الشفافية، وإلى احترام الفنانين والصحفيين على حد سواء. لأن الفن ليس وسيلة للاستغلال أو التسلق، بل رسالة نبيلة تخدم الوطن وتكرم ثقة صاحب الجلالة في أبنائه.














