قفزة تاريخية في المداخيل الجبائية
تستعد الحكومة المغربية لتحقيق زيادة غير مسبوقة في مداخيلها الضريبية، إذ تتوقع أن تتجاوز 407 مليار درهم بحلول سنة 2028، مقابل حوالي 320 مليار درهم سنة 2025، أي بارتفاع يناهز 88 مليار درهم في ظرف ثلاث سنوات فقط.
ويأتي هذا الارتفاع في سياق الإصلاحات الجبائية التي تراهن عليها المملكة لتقوية مالية الدولة، وضمان استدامة النموذج التنموي الوطني.
ضرائب الدخل والشركات في صعود
تُظهر معطيات تقرير وزارة الاقتصاد والمالية أن الضريبة على الدخل سترتفع من 61 مليار درهم سنة 2025 إلى 71 مليار درهم في أفق 2028، في حين ستقفز الضريبة على الشركات من 73 مليار درهم إلى 107 مليارات درهم خلال الفترة نفسها، مدفوعة بتحسن أداء القطاع الخاص وتوسيع القاعدة الضريبية.
الضريبة على القيمة المضافة تتوسع
أما الضريبة على القيمة المضافة (TVA)، فستواصل نموها لتصل إلى 128 مليار درهم سنة 2028 بدل 100 مليار في 2025، مدفوعة بزيادة الاستهلاك الداخلي وتوسيع رقعة النشاط الاقتصادي، فيما يُتوقع أن تصعد الضريبة الداخلية على الاستهلاك من 36 إلى 48 مليار درهم، مع بقاء الهدف المركزي هو تحقيق توازن بين تحفيز السوق والحفاظ على استقرار الأسعار.
إصلاح جبائي برؤية تنموية
تُشير الحكومة في تقريرها إلى أن هذه التوقعات تستند إلى الإطار الماكرو-اقتصادي الوطني وإلى تفعيل القانون الإطار للإصلاح الجبائي، الذي يهدف إلى تحديث النظام الضريبي، وضمان عدالة جبائية أكبر، وتحفيز التشغيل والاستثمار.
وتهدف التدابير المقترحة في مشروع قانون مالية 2026 إلى تخفيف الضغط على الملزمين، وتعزيز تنافسية المقاولات، مع الحفاظ على الأسعار في ظل التحديات العالمية وارتفاع تكاليف الإنتاج والجفاف.
مداخيل غير جبائية وتمويلات مبتكرة
في موازاة ذلك، تتوقع الحكومة أن تبلغ مداخيل المؤسسات والمقاولات العمومية حوالي 27,5 مليار درهم سنة 2026، قبل أن تنخفض تدريجيًا إلى 25,3 مليار درهم سنة 2028، مع استمرار إصلاح هذه المؤسسات في إطار القانون الإطار 50.21 الرامي إلى عقلنة محفظة الدولة وتعزيز دورها كمستثمر ومساهم فعّال.
كما ستواصل الدولة الاعتماد على آليات التمويل المبتكر، عبر تفويت أصول عقارية ومساهمات عمومية بقيمة قد تصل إلى 20 مليار درهم سنة 2026 و15 مليار درهم سنة 2027، بهدف تعبئة موارد جديدة دون إثقال كاهل الميزانية العامة.
بين الإصلاح والرهانات الاجتماعية
ورغم الطابع التقني للأرقام، فإن جوهر هذا التوجه المالي الجديد يكمن في إعادة صياغة العلاقة بين الدولة والمواطن.
فبين سعي الحكومة إلى تعزيز مداخيلها لتقوية الخدمات العامة، وتخوف المواطن من ارتفاع الأعباء، تبقى الثقة الضريبية هي التحدي الأكبر في المرحلة المقبلة — أي أن يشعر المواطن أن كل درهم يُدفع، يعود إليه في تعليمٍ أفضل، وصحةٍ أكرم، وعدالةٍ اجتماعية أوسع.














