في أجواء احتفالية راقية، احتضنت العاصمة المغربية الرباط مساء الاثنين حفل افتتاح الدورة الثامنة والخمسين للجمعية العامة للاتحاد العربي للنقل الجوي (AACO)، بحضور مسؤولين مغاربة وعرب، ومهنيين عالميين في قطاع الطيران.
الحدث، المنعقد تحت الرعاية السامية للملك محمد السادس، لم يكن مجرد اجتماع دوري، بل تجسيدٌ حيٌّ لموقع المغرب المتقدم في منظومة الطيران العربي والدولي.

المغرب.. شريك استراتيجي لبناء فضاء جوي عربي موحّد
في كلمته الافتتاحية، أكد رياض مزور، وزير الصناعة والتجارة، نيابةً عن وزير النقل عبد الصمد قيوح، أن “المملكة المغربية مستعدة لدعم كل المبادرات الرامية إلى تعزيز التعاون العربي في الطيران المدني”، مشدداً على أن “التكامل العربي في النقل الجوي أصبح ضرورة استراتيجية، لا خياراً دبلوماسياً”.
وأضاف مزور أن انعقاد الدورة بالرباط يعكس “إيمان المغرب الراسخ بالعمل العربي المشترك، وحرصه على جعل النقل الجوي رافعة للتنمية الاقتصادية والازدهار المشترك”.
قطاع صاعد.. المغرب يضاعف طاقته الجوية نحو 80 مليون مسافر
من جهته، أوضح عبد الصمد قيوح، في كلمته أمام المشاركين، أن المغرب أولى أهمية كبرى لتطوير البنية التحتية الجوية، عبر مشاريع كبرى شملت مطارات الدار البيضاء، ومراكش المنارة، والرباط–سلا، بهدف رفع الطاقة الاستيعابية للمطارات المغربية إلى 80 مليون مسافر سنوياً.
وأشار إلى أن “الربط الجوي والتكنولوجيا والرقمنة” تشكل ركائز رؤية المغرب لتأمين خدمات حديثة، مستدامة، وآمنة.

الاتحاد العربي للنقل الجوي.. درع التعافي بعد الجائحة
عبد الوهاب تفاحة، الأمين العام للاتحاد العربي للنقل الجوي، وصف انعقاد الجمعية في الرباط بأنه “محطة متميزة في مسار التعاون العربي”.
وأوضح أن اللقاء يأتي في مرحلة مفصلية، حيث يتعافى قطاع النقل الجوي العالمي من آثار جائحة كورونا التي أصابت الاقتصاد الدولي بالشلل بين عامي 2020 و2022.
وأكد تفاحة أن “النقل الجوي أصبح جزءاً لا يتجزأ من الحياة المعاصرة، وعنصراً حاسماً في التواصل الإنساني والتبادل التجاري والاقتصادي”، مشيراً إلى أن صناعة الطيران تساهم بما يقارب 10% من الناتج الإجمالي العالمي، وتوفر أكثر من 10% من فرص العمل على مستوى العالم.
تحديات المرحلة.. سلاسل إنتاج مختنقة وأفق بيئي ضاغط
الأمين العام للاتحاد لفت إلى وجود تحديين رئيسيين يواجهان صناعة النقل الجوي:
الأول، اختناقات سلاسل الإنتاج والتوريد التي برزت بعد الجائحة، مشيداً بتجربة المغرب الرائدة في بناء قاعدة صناعية قوية في الطيران، جعلته لاعباً محورياً في سلاسل التوريد العالمية.
أما الثاني، فيتعلق بالتوازن بين النمو السريع للقطاع وتقليص بصمته البيئية، داعياً إلى “استثمارات حقيقية في الوقود المستدام للطيران (SAF)” بدل فرض ضرائب إضافية غير مجدية.

“لارام”.. فخر الاستضافة ونداء لتكامل عربي جديد
عبد الحميد عدو، الرئيس المدير العام للخطوط الملكية المغربية، عبّر عن “فخره الكبير باستضافة هذا اللقاء العربي مجدداً في المغرب”، مؤكداً أن “الرعاية الملكية السامية تعبّر عن المكانة الخاصة التي يحتلها النقل الجوي في رؤية المملكة التنموية”.
وأضاف أن القمة السنوية للطيران العربي “منصة لصناعة القرار، ورسم مستقبل النقل الجوي في منطقتنا”، مشدداً على أن “المرحلة الراهنة تتطلب تعاوناً عربياً متجدداً لمواجهة تحديات الكلفة، وسلاسل الإمداد، والتحول التكنولوجي، والاستدامة”.

رؤية مشتركة.. من أجل سماء عربية بلا حدود
في ختام أشغال اليوم الأول، أجمع المشاركون على أن مستقبل النقل الجوي العربي رهين برؤية جماعية وشراكات استراتيجية، تؤسس لقطاع طيران عربي “حديث، آمن، ومستدام”، كما عبّر عنه الأمين العام للاتحاد.
الرباط، التي تستضيف هذا الحدث للمرة الخامسة، بدت كأنها تقول للعالم:
“من هنا، من المغرب، تنطلق السماء العربية نحو أفق جديد من التكامل والابتكار.”
			













                