تواجه المقاولات المغربية، على غرار نظيراتها الإفريقية، معضلة حقيقية في تأمين التمويل اللازم لنموها. فبين حذر البنوك المحلية من منح القروض بسبب ضعف الضمانات، وصعوبة الولوج إلى التمويلات الخارجية بسبب صِغر حجم هذه المقاولات وضعف قدراتها التسويقية، تجد العديد منها نفسها محاصرة بين طموح النمو ومحدودية الإمكانيات.
خالد سفير: “إفريقيا ليست دولة واحدة.. إنها فسيفساء معقدة”
في مداخلته خلال مائدة مستديرة ضمن فعاليات القمة المالية الإفريقية المنعقدة اليوم بالدار البيضاء، قدّم خالد سفير، المدير العام لصندوق الإيداع والتدبير، تشخيصًا دقيقًا لأسباب تعثر تعبئة التمويلات الخارجية في القارة.
وقال سفير: “لقد اكتشفنا خلال لقاءات مع صناديق تقاعد أمريكية أن إفريقيا بالنسبة إليهم ليست سوقًا واحدة، بل قارة تضم 54 دولة، و40 عملة، وأنظمة قانونية وحكومية متباينة، ونزاعات سياسية تجعل الاستثمار فيها محفوفًا بالمخاطر”.
مشاريع صغيرة.. واستثمارات عملاقة غائبة
أحد أبرز العوائق التي تمنع تدفق رؤوس الأموال الأجنبية إلى إفريقيا، وفق سفير، هو صِغر حجم المشاريع وضعف قدرتها على جذب الصناديق الاستثمارية الكبرى. “المشاريع الإفريقية، رغم جدواها، تظل غير مرئية بالنسبة إلى صناديق التقاعد العملاقة التي تبحث عن مشاريع ضخمة ومهيكلة”، يوضح المسؤول.
واقترح سفير مقاربة جديدة تقوم على تجميع المشاريع الصغيرة ضمن منصات مشتركة، لخلق كُتلة استثمارية قادرة على استقطاب المستثمرين الدوليين.
الفرص قائمة.. لكن الهيكلة أولًا
رغم صعوبة المنافسة مع الأسواق الأمريكية والأوروبية ذات الفوائد العالية، يرى سفير أن الحل يكمن في تحسين عرض المشاريع الإفريقية عبر هيكلتها الجيدة ووضع إطار قانوني وتنظيمي يضمن الشفافية. كما دعا إلى تشجيع المستثمرين طويلَي الأمد، خاصة صناديق التقاعد وصناديق الإيداع، على خوض غمار الاستثمار في القطاعات ذات المخاطر المرتفعة، شرط أن تحظى هذه العمليات بتغطية تنظيمية وتشريعية كافية.
الدول مطالبة بدور أكثر جرأة
وشدد المتحدث على أن نجاح هذه الدينامية لا يمكن أن يتحقق دون انخراط الدول نفسها، من خلال تقديم ضمانات أو دعم مباشر لتقليل المخاطر عن بعض المشاريع الاستراتيجية، بالإضافة إلى وضع أطر واضحة للشراكة بين القطاعين العام والخاص، تُسهّل الثقة وتجذب التمويلات.
وختم سفير مداخلته بالتأكيد على أهمية التعاون مع البنوك التنموية الدولية لتأمين الضمانات اللازمة وتخفيض درجة المخاطر.
الدار البيضاء.. عاصمة النقاش المالي الإفريقي
القمة المالية الإفريقية (AFIS 2025)، التي تحتضنها العاصمة الاقتصادية للمملكة، تُعد من أبرز الفضاءات الاقتصادية في القارة، حيث تجمع وزراء ومحافظي بنوك مركزية ورجال أعمال وخبراء ماليين، لمناقشة مستقبل التمويل في إفريقيا، وتقديم رؤى جديدة لجعل القارة بيئة أكثر جاذبية للاستثمار والتنمية المستدامة.















