“الهاكا” يوجه إنذارًا لوسائل الإعلام: رمضان ليس حجة لتجاوز أخلاقيات الإشهار!
في رسالة صارمة اللهجة، أكد المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري (الهاكا)، اليوم الخميس، على ضرورة إيجاد توازن دقيق بين حقوق الجمهور ومتطلبات الربح لوسائل الإعلام خلال شهر رمضان الفضيل، محذرًا من التجاوزات الإعلانية التي قد تمس بمصداقية الإعلام وتجربة المشاهدين.
“الهاكا” يذكر بمسؤولياته.. والجمهور ليس مجرد متلقي للإعلانات
أوضح بلاغ صادر عن الهيئة العليا أن دورها في تقنين المضامين الإعلانية يهدف إلى تحقيق معادلة عادلة بين حقوق المواطنين كمستخدمين لوسائل الإعلام والمصالح الاقتصادية للمتعهدين.
وفي هذا السياق، استند “الهاكا” إلى القواعد المعمول بها في مجال تأطير البرمجة الإعلانية، ليذكر بأن شهر رمضان يشكل تقليديًا فترة ذهبية للاستثمارات الإعلانية.
جذب الإعلانات ضرورة.. لكن على حساب جودة المحتوى وثقة الجمهور؟
واعترف “الهاكا” بأن سعي المتعهدين لجذب الموارد خلال هذه الفترة ذات النشاط التجاري المكثف هو أمر واقعي وضرورة اقتصادية مفهومة.
إلا أنه شدد على أن هذا الوضع لا يجب أن يطغى على المصلحة العليا للجمهور، الذي تعتبر فئات منه، كالأطفال والناشئة، أكثر عرضة للتأثيرات الإعلانية.
“فيض إعلاني” يزعج المشاهدين.. ويشوه صورة الإعلام
ولفت “الهاكا” إلى أن برمجة الإذاعات والقنوات التلفزيونية المغربية خلال شهر رمضان الحالي اتسمت بظاهرة “التراكم الإعلاني”، خاصة في ساعات الذروة، مما يؤثر سلبًا على تجربة المشاهدين وقد يشوه تصورهم للمضامين التحريرية، سواء كانت أعمالًا درامية أو أخبارًا.
تكدس الإعلانات.. تهديد لعلاقة الجمهور بالبرامج ومصداقية الإعلام
وحذر البلاغ من أن هذا التكدس الإعلاني قد يؤثر على علاقة الجمهور وتفاعله مع البرامج والمضامين، ويمس بصورة وسائل الإعلام، خاصة تلك التي تضطلع بمهام الخدمة العمومية.
شكاوى بالجملة.. وتقنين ذاتي ضعيف
وأشار “الهاكا” إلى أن الإحالات الذاتية وشكاوى المواطنين والجمعيات التي توصلت بها الهيئة، تكشف عن حاجة ماسة لتقوية التقنين الذاتي للمتعهدين في مجال الإعلان.
ممارسات مرفوضة.. وضرورة الالتزام بأخلاقيات المهنة
وسجل “الهاكا” أن الإشهار غير المعلن عنه، والإشهار الممنوع، والخلط بين المضامين الإعلامية والتحريرية، والخلط بين الإشهار والرعاية، والنقص في شفافية مصدر المنتجات، كلها ممارسات يجب تجاوزها في المضامين السمعية البصرية، خدمة لحق المواطن والجمهور المغربي في مضامين ذات جودة وموثوقية.
“الهاكا” يحذر.. والمشكلة أكبر من مجرد مخالفات
وبالإضافة إلى سلطته الزجرية، التي لا يتردد في تفعيلها، يعتبر “الهاكا” أن مخاطر تآكل المصداقية التحريرية للإعلام السمعي البصري المغربي، والتي قد تتفاقم بسبب هذه الممارسات الإعلانية، لا يمكن حلها بتدخل الهيئة وحدها.
دعوة إلى “ثورة” في ممارسات الإعلان.. للحفاظ على استقلالية الإعلام
وفي هذا السياق، دعا “الهاكا” إلى إرساء ممارسات إعلانية مبتكرة، ملتزمة بالأخلاقيات، وتحافظ في الوقت نفسه على الاستقلالية التحريرية لوسائل الإعلام، ومصالح المعلنين ومتعهدي الاتصال السمعي البصري.
وهو ما لا يمكن تحقيقه إلا في إطار نموذج اقتصادي ناجع ومستدام لوسائل الإعلام السمعية البصرية، وهو ورش بات ضروريًا في زمن يشهد فيه الإعلام العالمي تحولات عميقة، يرتكز رهانها الحقيقي على قضايا حيوية مثل السيادة الإعلامية والثقافية، يختتم البلاغ.