تافوكت تُطفئ أنوارها: هل انتصرت العدالة أم خذلتها البيروقراطية؟

فؤاد القاسمي26 أبريل 2025آخر تحديث :
تافوكت تُطفئ أنوارها: هل انتصرت العدالة أم خذلتها البيروقراطية؟

في مشهد دراماتيكي يعكس تداخل القضاء بالإدارة، شرعت السلطات المحلية في مقاطعة الحي الحسني بالدار البيضاء، صباح الجمعة، في تنفيذ قرار هدم مقهى “تافوكت” الشهيرة، بعد تعليمات مباشرة من والي جهة الدار البيضاء-سطات، محمد امهيدية، خلال زيارة ميدانية لشارع أفغانستان.

نهاية تافوكت.. قرار قضائي يحسم الجدل

تزامن تنفيذ القرار مع حكم قضائي صادر عن المحكمة التجارية بالدار البيضاء، قضى بإدراج المقهى في مسطرة التصفية القضائية، نتيجة أزمة مالية خانقة ألمت بالمقاولة المشغلة.

وبحسب الوثائق التي استعرضها عامل عمالة الحي الحسني، فإن صاحب المقهى، صالح بنجكال، المدرج تحت الاسم التجاري “مقشدة تافوكت”، خضع للإجراءات القانونية الخاصة بتصفية الأصول.

ديون متراكمة وأولويات للدائنين

أكد السنديك المعيّن من طرف المحكمة أن أصول المقاولة، سواء المادية أو المعنوية، تدخل ضمن الضمانات المحفوظة للدائنين، وفي مقدمتهم الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والقباضة المحلية، وبنك القرض العقاري والسياحي، فضلًا عن حوالي عشرين عاملًا ينتظرون تسوية نزاعاتهم الاجتماعية.

وأشار التقرير القضائي إلى أن مقتضيات مدونة التجارة تمنع المدين من التصرف في ممتلكاته بعد فتح مسطرة التصفية.

المزاد العلني يطرق الأبواب

وبعد إجراء خبرة قانونية لتحديد القيمة التجارية للمقهى، تقرر الشروع في الإجراءات التحضيرية لعرض الأصل التجاري في المزاد العلني، في خطوة تهدف إلى سداد جزء من الديون المتراكمة.

وأوضح السنديك أن أي تحرك إداري أو قانوني بخصوص المقهى يجب أن يمر عبر المساطر الرسمية، احترامًا للمسار القضائي الجاري تحت إشراف القاضي المنتدب.

مبادرات سياسية.. بلا جدوى

مصادر مطلعة كشفت أن نبيلة الرميلي، عمدة مدينة الدار البيضاء، استقبلت صاحب المقهى رفقة رئيس مقاطعة الحي الحسني، في محاولة لاحتواء الأزمة.

وقد طُرحت حلول بديلة، بينها تمكينه من فتح مقهى جديدة في مساحة خضراء، لكن الأخير أصر على رفضها، مفضّلًا مقاضاة الجهات المعنية والمطالبة بتعويض مالي.

هدم يحمل أكثر من دلالة

تتجلى في هذه القضية أبعاد قانونية معقدة تتقاطع فيها مسطرة الهدم الإداري مع مقتضيات التصفية القضائية، ما يجعل من الملف نقطة اختبار لموازنة حقوق الأفراد بسلطة الدولة.

في انتظار تطورات جديدة، يبقى مصير “تافوكت” شاهدًا على لحظة فارقة في مسار العدالة الحضرية بالعاصمة الاقتصادية.

ويأتي هذا القرار ضمن جهود السلطات لإعادة هيكلة الفضاءات العمومية وتحديث البنية التحتية، بما يراعي التوازن بين سيادة القانون وضمان الحقوق الاجتماعية والاقتصادية.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة