في كشف علمي يضيء على أحد الجوانب المُهملة في صحة الأمهات والأجنة، أظهرت دراسة حديثة نُشرت في المجلة الدولية لأمراض النساء والتوليد، وجود صلة وثيقة بين إصابة الأمهات بفقر الدم في مراحل الحمل الأولى، وارتفاع احتمال إصابة مواليدهن بعيوب خلقية في القلب.
فقر الدم في الحمل المبكر.. ناقوس خطر لقلوب الأجنة
الدراسة اعتمدت على تحليل معمق لبيانات 2776 امرأة أنجبن أطفالًا مصابين بعيوب خلقية قلبية، وقورنت حالاتهن مع 13,880 حالة لأمهات أنجبن مواليد أصحاء.
النتائج كانت لافتة: 4.4% من الأطفال المولودين لأمهات مصابات بفقر الدم ظهرت لديهم تشوهات قلبية، مقابل 2.8% فقط في المجموعة المقابلة.
وبعد احتساب العوامل المرافقة الأخرى، تبين أن فقر الدم يرفع خطر العيوب القلبية بنسبة 47%.
الحديد.. حجر الأساس لتكوين قلب الجنين
الدكتور دنكان بي. سبارو، الباحث في جامعة أكسفورد والمُشرف على الدراسة، فسّر هذا الارتباط بأن نقص الحديد، الذي يُعد السبب الأبرز لفقر الدم، يتداخل بشكل مباشر في عملية تكوّن القلب والأوعية الدموية لدى الجنين، خصوصًا خلال الفترة الحرجة بين الأسبوعين الثالث والثامن من الحمل.
وأشار الفريق البحثي إلى أن الخلل في مستويات الحديد يُمكن أن يُعطل تطوّر الأوعية الجنينية، ويُضعف أداء الخلايا الجذعية المسؤولة عن بناء القلب.
مكملات الحديد.. وقاية تبدأ قبل الحمل
في ضوء هذه النتائج، أوصى الباحثون بضرورة تعميم مكملات الحديد على النساء في مرحلة ما قبل الحمل وخلاله، كإجراء وقائي يمكن أن يُحدث فرقًا حاسمًا في الوقاية من أمراض القلب الخلقية عند الولادة.
هذا التوجه يعكس تحوّلًا نحو تغذية وقائية تهدف إلى تقليل عوامل الخطر قبل أن تتحول إلى أمراض مستعصية.
تحوّل في فهم أسباب التشوهات القلبية
تسلّط هذه الدراسة الضوء على أهمية الصحة الغذائية للأمهات كعنصر جوهري في حماية الأجيال القادمة، وتدعو إلى إعادة النظر في برامج المتابعة الصحية للحوامل، لتشمل فحوصات دقيقة لمستويات الحديد.
خطوة بسيطة قد تعني فرقًا كبيرًا في حياة طفل لم يولد بعد، وفي مسار عائلة بأكملها.