المغرب يعيد الاعتبار للفلاحة العائلية: رافعة استراتيجية منسية نحو تنمية قروية عادلة ومستدامة

أميمة القاسمي17 مايو 2025آخر تحديث :
المغرب يعيد الاعتبار للفلاحة العائلية: رافعة استراتيجية منسية نحو تنمية قروية عادلة ومستدامة

في نداء قوي لإعادة ترتيب أولويات السياسات الفلاحية، دعا المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إلى ضرورة تبني مقاربة جديدة ومندمجة للنهوض بـ الفلاحة العائلية الصغيرة والمتوسطة في المغرب.

المقاربة التي يعتمدها المجلس تقوم على الابتكار، الاستدامة، والعدالة المجالية، مع التأكيد على أن هذا النمط الفلاحي يجب أن يُعتبر رافعة استراتيجية لتنمية المناطق القروية وتعزيز الأمن الغذائي الوطني.

مخرجات شاملة: مقاربة تشاركية من أجل الفلاحة العائلية

جاء ذلك خلال عرض مخرجات رأي المجلس حول هذا الموضوع، الذي تم يوم الأربعاء في الرباط، بحضور عدد من الفاعلين المؤسساتيين، الخبراء، وممثلي المجتمع المدني.

اللقاء التواصلي سلّط الضوء على التحديات البنيوية التي تواجه هذا القطاع، فضلاً عن الفرص الواعدة التي يمكن أن يقدمها لتحسين وضعية الفلاحة في البلاد.

وأكد عبد القادر اعمارة، رئيس المجلس، أن هذا الرأي هو ثمرة عمل تشاركي عميق، استند إلى استماع ميداني للمعنيين، وفتح المجال أمام الخبرات الوطنية والدولية.

وأوضح اعمارة أن الفلاحة العائلية ليست مجرد نشاط إنتاجي، بل هي نمط حياة متكامل يعزز الاستقرار الاجتماعي ويحمي البيئة ويثمن التراث المحلي.

الفلاحة العائلية: العمود الفقري للتنمية القروية

في إطار تعريفه العملي للفلاحة العائلية، تبنى المجلس مفهومًا يشمل استغلاليات صغيرة لا تتجاوز 5 هكتارات، يعتمد على تنويع الأنشطة الزراعية وتربية الماشية، ويجمع بين الاستهلاك الذاتي وتسويق الفائض.

هذه الفلاحة تمثل خط الدفاع الأول في مواجهة التغيرات المناخية، وهي أيضًا فاعل رئيسي في الحفاظ على التنوع البيولوجي.

لكن على الرغم من أهميتها الاقتصادية والاجتماعية، فإن الفلاحة العائلية تعاني من غياب الدعم الكافي والتأطير التقني والمالي، رغم أنها تشكل نحو 70% من النسيج الفلاحي بالمملكة.

الفلاحة العائلية: “الحلقة الأضعف” في السياسات العمومية

رغم دورها الاستراتيجي، تغيب الفلاحة العائلية عن الاستهداف الحقيقي في السياسات العمومية، فيما تتوجه الاستثمارات بشكل كبير نحو الفلاحة ذات القيمة العالية.

ووفقًا للمجلس، فإن غياب التنظيم، التمويل، ومنظومة المواكبة الفعالة قد جعل الفلاحة العائلية الحلقة الأضعف، رغم وزنها الكبير في الاقتصاد الوطني.

أولويات استراتيجية لتطوير الفلاحة العائلية

انطلاقًا من هذا التشخيص، دعا المجلس إلى إعادة الاعتبار للفلاحة العائلية من خلال إدماجها في سلاسل القيمة، وتمكينها من أدوات التفاوض، وتوفير بيئة داعمة تعزز صمودها وقدرتها التنافسية. كما اقترح المجلس وضع خطة عمل خاصة تتضمن:

  • تعزيز البنيات التحتية والخدمات العمومية.
  • تنويع الأنشطة المدرة للدخل.
  • تطوير الزراعات المقاومة للتغيرات المناخية.
  • تشجيع استهلاك المياه بشكل عقلاني.
  • تثمين الوظائف البيئية للفلاحة العائلية.

تعزيز التنظيمات المهنية: دور التعاونيات والجمعيات

كما شدد المجلس على ضرورة تعزيز التنظيمات المهنية للفلاحين، عبر التعاونيات والجمعيات، وتوفير فضاءات رعوية تعاونية، بالإضافة إلى دعم مربي الماشية الصغار والمتوسطين. وفي هذا الإطار، أشار المجلس إلى أهمية تحسين الولوج إلى التمويل، وتطوير آليات التحويل الفلاحي والاستشارة.

الفلاحة العائلية: ركيزة للتنمية المستدامة

من جانبه، أكد عبد الرحمان قنديلة، مقرر الموضوع، على ضرورة الاعتراف بالفلاحة العائلية كـ ركيزة أساسية للتنمية المستدامة، نظرًا لدورها البارز في توفير فرص العمل، خاصة للنساء والشباب.

كما أن الفلاحة العائلية تلعب دورًا استراتيجيًا في تزويد الأسواق المحلية وتنويع المنتجات الفلاحية.

نحو نظام غذائي مرن وعادل

يأتي هذا الرأي في إطار برنامج عمل المجلس لسنة 2024، ليؤكد مجددًا أن مستقبل التنمية القروية في المغرب يمر عبر تمكين الفلاحين العائليين واستثمار قدراتهم في بناء منظومة غذائية مرنة، عادلة، وخضراء، مع ضرورة تعزيز الدور الاستراتيجي لهذا القطاع في تأمين الاستدامة الاقتصادية والبيئية في البلاد.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة