في وقت تشكل فيه المقاولات الصغرى أكثر من 90% من النسيج الاقتصادي المغربي، تُنذر الإحصائيات الرسمية بخطر حقيقي على هذا القطاع، إذ تفشل 3 من أصل 4 مقاولات في الاستمرار لأكثر من ثلاث سنوات بعد التأسيس.
هذا الواقع المقلق كان محور يوم دراسي نظمه الفريق الاشتراكي بمجلس النواب بشراكة مع الهيئة المغربية للمقاولات، يوم الأربعاء 18 يونيو 2025، تحت شعار: “واقع المقاولة الصغرى ورهانات التطوير”.
التمويل.. عقبة أولى على طريق البقاء
أجمع المتدخلون خلال اللقاء على أن أبرز العوائق التي تواجه المقاولات الصغرى هي صعوبة الولوج إلى التمويل، في ظل نظام بنكي لا يُراعي خصوصية هذه الفئة، إضافة إلى غياب المواكبة الفعلية وبرامج التكوين، وهو ما يضعف فرصها في البقاء والتوسع.
بيروقراطية قاتلة ودعم لا يصل للمستحقين
انتقد المشاركون تعقيد المساطر الإدارية والضريبية، وصعوبة الولوج إلى العقار والصفقات العمومية، مؤكدين أن هذه العراقيل تُفرغ البرامج الحكومية من مضمونها.
كما كشف النقاش أن أقل من 15% من الدعم العمومي يوجه إلى المقاولات الصغيرة، مقابل 56% تذهب إلى الشركات الكبرى، ما يعمّق الفجوة ويعزز مناخًا غير عادل في توزيع الفرص.
33 ألف مقاولة أفلست في عام واحد
رئيس الفريق الاشتراكي، عبد الرحيم شهيد، حذر من تداعيات هذا الوضع، كاشفًا أن أكثر من 33 ألف مقاولة أفلست سنة 2023 وحدها، مما يعكس أزمة بنيوية تهدد الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، خاصة في ظل هشاشة الطبقة الوسطى وارتفاع نسب البطالة.
رغم ضعف المساهمة في الناتج.. المقاولة الصغرى تُشغّل المغرب
رئيس الهيئة المغربية للمقاولات الصغرى، رشيد الورديغي، أكد أن هذه المقاولات، رغم مساهمتها المحدودة في الناتج المحلي (حوالي 3%)، توفر 75% من مناصب الشغل المصرح بها لدى CNSS، ما يجعلها حجر زاوية في معادلة التشغيل.
وطالب الورديغي بتدخل عاجل من الدولة والقطاع البنكي من أجل إعادة الاعتبار لهذه المقاولات وضمان استمراريتها.
ميثاق الاستثمار.. لا يخدم الجميع
النائب عبد القادر بن الطاهر وجّه انتقادًا مباشرًا إلى شروط ميثاق الاستثمار، معتبرا أن الحد الأدنى للرقم السنوي للأعمال (مليون درهم) يقصي المقاولات الصغرى، خاصة في المناطق القروية والهامشية، ويعمّق تهميشها.
خلاصة اللقاء: إصلاح شامل ومستعجل أو المزيد من الانهيارات
خرج اللقاء بتوصيات تدعو إلى إصلاح عميق لمنظومة الدعم والتمويل والتكوين والمواكبة، وإعادة النظر في توزيع الدعم العمومي، لضمان بيئة عادلة تسمح للمقاولات الصغرى بالنمو والمنافسة.
كما شدد المشاركون على ضرورة تقليص الفجوة بين النصوص القانونية والواقع العملي، حتى تتمكن هذه المقاولات من لعب دورها الحقيقي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وضمان استقرار آلاف الأسر المغربية.