في لحظة تتسع فيها هوة الغضب الشعبي بسبب لهيب أسعار المحروقات وتآكل القدرة الشرائية، خرج الحسين اليماني، الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز، عن صمته موجهاً نيران انتقاداته للتقرير الأخير الصادر عن مجلس المنافسة، واصفاً إياه بـ”المخيب للآمال”، و”العاجز عن قول الحقيقة كما هي”.
تهميش الحقائق… وتجاهل للمسؤوليات
اليماني اعتبر أن التقرير أغفل معطيات محورية، وفشل في تحميل المسؤوليات المباشرة للفاعلين في القطاع. وذهب أبعد من ذلك حين اتهم المجلس بتجاوز اختصاصاته، مشيراً إلى أن بعض القضايا التي تطرق لها تدخل في نطاق عمل مؤسسات أخرى مثل الجمارك ومكتب الصرف ووزارة الطاقة.
خطر تقاسم البيانات وتضييق الخناق على التنافسية
أبرز القيادي النقابي خطورة تجميع البيانات التجارية بين الفاعلين، محذراً من أن ذلك يُهدد بشكل مباشر مبدأ التنافس الحر، ويُمهّد الطريق لممارسات احتكارية تضرب في العمق روح السوق النزيهة.
الانتقائية في التعامل… والشفافية على المحك
من بين أكثر النقاط إثارة للجدل، حسب اليماني، هو تعامل المجلس بـ”انتقائية فاضحة” مع الشركات. فبينما تم التغاضي عن ذكر تسع شركات اعترفت بمخالفة قانون المنافسة، تم كشف أسماء فاعلين لم تُسجل بحقهم مخالفات، في سابقة تُهدد مبادئ الشفافية والمحاسبة.
أرباح تضاعفت بعد التحرير… والمواطن يسدد الفاتورة
أثار اليماني تساؤلات صادمة: لماذا لم يقارن التقرير بين مرحلة دعم المحروقات وما أعقبها من تحرير؟ معتبراً أن البيانات تُظهر تضاعف أرباح بعض الشركات في 2016 و2017، ما يكشف، وفق تعبيره، “الخلل الفجّ في منظومة التسعير بعد رفع الدعم”.
التقرير يتجاهل معاناة المواطن وتأثير الأزمة على الإنتاج
انتقد اليماني غياب أي تحليل في التقرير لآثار ارتفاع الأسعار على معيشة المواطن اليومية، أو على كلفة الإنتاج الوطني، متهماً المجلس بإغفال بُعد إنساني أساسي كان يفترض أن يتصدر اهتماماته.
“لاسامير”… ورقة السيادة الطاقية المغيبة
لم يُخف اليماني استياءه من تجاهل التقرير لقضية تكرير البترول، وفي القلب منها مصفاة “لاسامير”، التي يرى فيها “ركيزة استراتيجية مهدورة”، ووسيلة فعالة لاستعادة سيادة المغرب الطاقية، والتحكم في كلفة الإنتاج والأسعار.
مجلس عاجز… وحكومة مطالَبة بالتحرك
اتهم اليماني مجلس المنافسة بالاكتفاء بدور “الناصح” عبر تقارير وصفها بـ”الإرشادية” والفاقدة للجرأة، بدل أن يتحمل مسؤولياته كسلطة تقريرية قادرة على فرض القانون ووقف التلاعبات في السوق. وختم مداخلته بمطالبة صريحة لرئيس الحكومة:
“الأزمة ليست عالمية فقط، بل داخلية أيضاً… والحل يبدأ من قرار سياسي يُعيد الاعتبار للدولة ويضمن عدالة في التسعير.”