خيط الجرائم ينكشف
في قاعة محكمة مكتظة بالعيون الدامعة والأنفاس المتوترة، تمثل كلثوم أكبري، سيدة خمسينية من مدينة ساري شمال إيران، أمام القضاء في واحدة من أكثر القضايا إثارة للرأي العام. على مدى قرابة عقدين، تزوجت 37 مرة “18 زواجاً مؤقتاً و19 دائماً” انتهت جميعها تقريباً بوفاة الأزواج، معظمهم من المسنين الميسورين. التحقيقات تشير إلى أن عدد الضحايا قد يتجاوز 20 رجلاً.
القتل بصمت… ووراثة الثروة
وفق صحيفة هفت صبح، كانت أكبري تقدم نفسها كزوجة مثالية، قبل أن تبدأ بتنفيذ خطتها القاتلة: إذابة أدوية لمرضى السكري أو الضغط في مشروبات الأزواج بجرعات متزايدة، حتى تبدو الوفاة طبيعية. وفي إحدى الجرائم المبكرة، مزجت الكحول الصناعي مع وسيلة خنق مباشرة، لتفوز بعدها بميراث أرض واسعة.
سقوط الستار في 2023
ظلت الجرائم تمر بلا ريبة حتى منتصف العام الماضي، حين أبلغ شقيق الضحية غلام رضا بابايي السلطات عن شكوكه في تصرفات زوجة أخيه قبل وفاته. كان ذلك الخيط الأول الذي قاد إلى فتح تحقيق شامل، انتهى باعتقال أكبري في سبتمبر 2023، وبدء كشف سلسلة الجرائم التي روعت المجتمع.
اعتراف تحت ضغط الأدلة
في البداية أنكرت أكبري كل التهم، لكن مقطع فيديو يعرض إعادة تمثيل الجرائم بيدها أجبرها على الاعتراف. وأمام القاضي قالت: “لو كنت أعلم أن الأمور ستصل إلى هذا الحد، لما فعلت ذلك“. إلا أن أحد أولياء الدم رد بحدة: “من تخطط وتنفذ بهذا الشكل تدرك تماماً ما تفعل“.
مطالب بالقصاص وصوت للضحايا
جلسة المحاكمة شهدت حضور ذوي أربعة من الضحايا الذين طالبوا علناً بتنفيذ حكم القصاص، فيما يُنتظر مثول بقية أولياء الدم في الجلسات المقبلة. عدد الشاكين في القضية تجاوز 45 شخصاً، والعائلات تناشد الإعلام التعامل مع المأساة بجدية، بعيداً عن السخرية أو الترفيه، احتراماً لذكريات الضحايا.
جريمة تهز الضمير العام
قضية “أرملة ساري السوداء” ليست مجرد سلسلة من جرائم القتل، بل مرآة تعكس هشاشة الثقة داخل المجتمع حين تتقنع الجريمة بوجه الحنان، وحين يتحول الزواج، أقدس الروابط الإنسانية، إلى باب موت صامت. الآن، كل الأنظار على قاعة المحكمة في انتظار الكلمة الأخيرة للعدالة