في عز موجة الحر التي تضرب المغرب، لم تعد درجات الحرارة المرتفعة حكراً على نشرات الأرصاد، بل امتدت آثارها إلى جيوب المستهلكين. أسعار الدجاج، أحد أهم المكونات في المطبخ المغربي، قفزت مجدداً وسط تزامن موسمي قاتل: حرارة خانقة وموسم أعراس لا يرحم.
أعراس الصيف… موسم الذهب لتجار الدواجن
كما في كل صيف، يتحول الدجاج إلى نجم موائد الأفراح والحفلات. لكن هذه الشعبية الموسمية تأتي على حساب المستهلك، إذ يقف قانون العرض والطلب في صف ارتفاع الأسعار. المربين يخفضون الشحنات خوفاً من نفوق الطيور، ما يجعل “أصعب فترة في السنة” بالنسبة للتجار والمستهلكين تبدأ بمجرد حلول موسم الأعراس.
نصف الشحنات في مهب الحر
المهنيون يؤكدون أن موجات الحر تجبر الضيعات على خفض الشحنات بنحو 50%، لتجنب الاكتظاظ في النقل أو الأقفاص، الذي يضاعف مخاطر النفوق. ومع الأسعار التي تراوح حالياً بين 22 و23 درهماً للكيلوغرام، يبقى الارتفاع المقبل مرهوناً بمدى استمرار ارتفاع درجات الحرارة، وهو احتمال يبدو مؤكداً.
استثمارات في البقاء… لا في التسمين
لمواجهة الخسائر، تستثمر الضيعات في أنظمة تهوية وتبريد، مما خفض نسبة النفوق من 50% سابقاً إلى نحو 10–15% حالياً. لكن هذا يأتي على حساب الوزن النهائي للدجاج، إذ يباع بعد 38 أو 40 يوماً بوزن لا يتجاوز 2.5 كيلوغرام، مقارنة بـ3.5 كيلوغرام في الفصول الباردة.
سيناريو “40 درهماً” كان ممكناً
المهنيون يرون أن التدابير الوقائية أنقذت الأسواق من كارثة حقيقية، إذ لولا هذه الجهود لبلغ سعر الكيلوغرام 40 درهماً. ومع ذلك، يبقى تأثير الغلاء متفاوتاً بين المدن، فالدار البيضاء والرباط أفضل حالاً بفضل مناخ الساحل، فيما تعاني مراكش والمدن الداخلية من حرارة خانقة تضرب النشاط التجاري في العمق.
سوق هش… وطلب لا يتوقف
على الرغم من تحسن الإنتاج خلال العام الأخير، ما زالت كلفة الأعلاف والكتاكيت مرتفعة، ما يترك السوق في حالة هشاشة أمام أي تقلب مناخي أو موسمي. الصيف المغربي، بمزيجه من الأعراس والحرارة، يظل امتحاناً حقيقياً لجيوب المواطنين وقدرة المربين على البقاء في السباق.