يشهد سوق العملات الرقمية في الأسابيع الأخيرة زخمًا غير مسبوق، لا سيما من جانب المؤسسات الاستثمارية الكبرى والبنوك المركزية. على رأس هذه المؤسسات، تجاوزت استثمارات شركة “بلاك روك” في صناديق بيتكوين المدرجة نحو 89 مليار دولار، ما يعكس ثقة كبيرة في الأصول المشفرة كأداة للتحوط ومصدر قيمة طويلة الأمد.
تحولات سياسية وتشريعية محفزة
يرى الخبراء أن تحولات سياسية ونقدية عدة تساهم في تعزيز هذه الدينامية. من أبرزها توقع الأسواق خفض سعر الفائدة في شتنبر المقبل بعد مؤشرات تراجع التضخم، إضافة إلى توقيع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لقانون يتيح لصناديق التقاعد الاستثمار في الأصول الرقمية، وهو ما يفتح الباب أمام قاعدة استثمارية قد تصل إلى نحو 3 تريليونات دولار.
شفافية قانونية تعزز الثقة
توضح التقارير أن تحسن الوضوح القانوني والتنظيمي، خصوصًا بعد تخفيف القيود المفروضة على تعامل البنوك مع العملات الرقمية، ساهم في رفع منسوب الثقة. هذا التوجه دفع عدداً متزايداً من المؤسسات البنكية والشركات إلى تطوير منتجات وخدمات مرتبطة بالكريبتو، ما عزز قناعة المستثمرين بمستقبل أكثر استقرارًا لهذه السوق.
البيتكوين على أعتاب مستويات قياسية
خبراء السوق يشيرون إلى أن البيتكوين قد يصل إلى مستويات قياسية تتراوح بين 200 و250 ألف دولار، مع تقديرات تفاؤلية تصل أحيانًا إلى 500 ألف دولار، مستندة إلى دورات صعود العملة والطلب المؤسسي المتزايد والسيولة المتوقعة من قرارات الفيدرالي الأمريكي.
مؤشرات مضادة وضرورة الحذر
في المقابل، رصدت السوق بعض المؤشرات المخففة للحماس، مثل تصريحات وزير المالية الأمريكي بشأن الاحتياطي الفيدرالي والبيتكوين، ومراجعة البيت الأبيض لموقفه من اقتناء البيتكوين بشكل مباشر، ما يبرز مخاطر سياسية وتنظيمية مستمرة قد تؤثر على مسار السوق.
المغرب والدول تتحرك نحو التعامل الرقمي
أشار الخبير زهير لخديسي إلى أن الدول، بما فيها الولايات المتحدة والمغرب، تتحرك نحو تحرير التعامل بالعملات الرقمية وتقليل الاعتماد على النقد الورقي. واعتبر أن العملات المشفرة أصبحت أصولًا تجارية أكثر منها وسيلة تداول، مع مراقبة متزايدة لضبط التقلبات وتقنين التعاملات، خصوصًا في ظل ارتفاع نسبة مستخدمي العملات الرقمية في المغرب.
مرحلة اختبار للبيتكوين كأصل استراتيجي
الخبراء يجمعون على أن المرحلة المقبلة تشكل اختبارًا حقيقيًا لقدرة البيتكوين على ترسيخ مكانته كأصل استراتيجي في المحافظ الاستثمارية العالمية، وسط مزيج من التحولات المؤسسية، والتشريعية، وانتظارات السيولة، مع مراعاة المخاطر السياسية والتنظيمية المستمرة.