كشفت نادية فتاح العلوي، وزيرة الاقتصاد والمالية، أن الاعتمادات المالية لحظيرة سيارات الدولة تجاوزت 300 مليار سنتيم سنويًا خلال 2024 و2025، بارتفاع ملحوظ مقارنة بالسنوات السابقة. هذا الصرف الضخم يأتي رغم توجيهات رئيس الحكومة عزيز أخنوش بترشيد النفقات العمومية، خصوصًا ما يتعلق بالسيارات الرسمية.
ووفق معطيات رسمية، بلغ المتوسط السنوي للاعتمادات 309 مليارات سنتيم خلال 2024 و2025، مقابل 267 مليارًا بين 2020 و2023، على الرغم من منشور حكومي صارم سنة 2020 ألزم بتقليص النفقات خلال الطوارئ الصحية.
التاريخ يعيد نفسه.. والمصاريف لا تتراجع
أوضحت الوزيرة أن النفقات الحالية تظل أقل من مستوى 2012-2014 حين بلغ المتوسط 350 مليار سنتيم، ولامس 380 مليارًا في 2013 في عهد حكومة عبد الإله بنكيران، رغم أن أسعار المحروقات كانت مدعمة من الدولة.
أكثر من 60% من هذه الاعتمادات تُصرف فقط على الوقود والزيوت، بينما تشمل باقي النفقات اقتناء السيارات النفعية والسياحية، الرسوم السنوية، والدراجات النارية.
إصلاح على الورق.. وورشات قيد التحضير
تحدثت الوزيرة عن مشروع إصلاح شامل لتدبير حظيرة السيارات يشمل:
- تقليص العدد والتخلص التدريجي من القديمة؛
- وضع معايير موحدة للاقتناء؛
- تحسين الرقابة والتتبع؛
- التحول نحو المركبات الكهربائية والهجينة؛
- تفويض تدبير الورشات غير الأساسية.
كما يجري التحضير لـ”منشور جديد” من رئيس الحكومة يحدد معايير الاستعمال، سقف قيمة السيارات المقتناة، ويقيد تحركاتها بمأموريات واضحة وموثقة.
ترسانة قوانين بلا أثر
رغم وجود مراسيم ومناشير تنظيمية عديدة (من 1997 إلى 1998) لضبط استعمال سيارات الدولة، إلا أن الممارسة اليومية تكشف عن فجوة واسعة بين النص والتطبيق. تقارير عديدة رصدت سوء استغلال السيارات، واستخدامها لأغراض شخصية أو خارج المهام المهنية.
بين رفاهية المسؤولين وضغط الشارع
في سياق اقتصادي متأزم يتسم بارتفاع الأسعار واتساع الفجوة الاجتماعية، يطرح سؤال ملح:
كيف تُبرَّر نفقات بحجم 300 مليار سنتيم سنويًا على سيارات الدولة، في وقت تُرفع فيه شعارات “التقشف” و”ترشيد النفقات”؟
فاعلون سياسيون ومجتمعيون يطالبون بـربط المسؤولية بالمحاسبة، وفرض مراقبة حقيقية على هذه الحظيرة، التي تحولت إلى رمز لغياب الانضباط المالي واستمرار الامتيازات على حساب المال العام.