كشف بحث وطني أجرته الجامعة الوطنية لجمعيات المستهلك، أن قطاع التأمين في المغرب يواجه أزمة ثقة حقيقية، حيث يعاني المؤمنون من تعقيد عقود التأمين وضعف التواصل مع شركاتهم، ما يولّد استياءً واسعاً بين المواطنين.
آلاف الشكاوى ورصد التدخل
أكدت هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي أنها تلقت حوالي 5 آلاف شكوى هذا العام، معظمها تم حلها لصالح المؤمن له. وأوضح المدير العام لحماية المؤمنين، يونس اللماط، أن الشكاوى شملت تنفيذ قرارات قضائية، بنود العقود، وعدم تغطية المؤمن عليه، مشيراً إلى تدخل الهيئة لحل النزاعات بطريقة عادلة.
عقود معقدة وحق المواطن في الفهم
في مواجهة صعوبة فهم العقود، شددت الهيئة على ضرورة جعل المؤمن محور اهتمام شركات التأمين، كما ينص القانون على حق المواطن في طلب عقد التأمين باللغة العربية، مع إصدار العقود غير الخاضعة للقانون باللغتين العربية والفرنسية.
التأمين الزامي لكنه غير مفهوم
أظهرت الدراسة الوطنية أن 70% من المغاربة لديهم تأمين واحد على الأقل، بينما يظل 30% دون تغطية. وأوضح البحث أن الدافع الرئيسي للتأمين هو الإلزامية القانونية (40%)، يليه الرغبة في حماية النفس والعائلة (35%)، ثم تأمين الأسرة (15%).
التأمين الأكثر انتشاراً والأكثر إشكالاً
يتصدر تأمين السيارات قائمة التأمينات الأكثر إقبالاً بنسبة 60%، بسبب إلزاميته القانونية، بينما يأتي التأمين الصحي (50%)، وتأمين العقار (40%)، والتأمين على الحياة (30%) في المراتب التالية. ورغم ذلك، أشار رئيس الجامعة الوطنية لحماية المستهلك، وديع مديح، إلى أن غالبية المؤمنين يهتمون فقط بالحصول على وثيقة التأمين لإظهارها للسلطات، دون متابعة جودة الخدمات المقدمة، مما يؤدي إلى مشكلات بعد وقوع الحوادث.
ضعف التواصل يفاقم الأزمة
أشار البحث إلى أن 65% من المؤمنين لا يتلقون معلومات كافية حول تأمينهم، بسبب لغة العقود الفرنسية والتقنية المعقدة، وصعوبة قراءتها أحياناً، إضافة إلى التعامل المتعالي لبعض مقدمي الخدمات. وقد دفع هذا الوضع 70% من المستجوبين لتغيير شركات التأمين الخاصة بهم.
دعوة لتعزيز الشفافية وبناء الثقة
في ختام الندوة، دعا وديع مديح إلى بذل جهود أكبر لتعزيز الشفافية وكسب ثقة المواطنين، عبر تواصل واضح بلغة سهلة، إعادة صياغة العقود، واستعمال وسائل الإعلام لتوضيح المفاهيم المعقدة، لضمان حماية حقوق المؤمنين وتحسين صورة القطاع.