شراكة استراتيجية من أجل مستقبل أخضر

فؤاد القاسمي24 مايو 2025آخر تحديث :
شراكة استراتيجية من أجل مستقبل أخضر

أعلن المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب عن تعبئة تمويل جديد بقيمة 300 مليون أورو، بشراكة مع البنك الأوروبي للاستثمار، والبنك الألماني للتنمية، والاتحاد الأوروبي، بهدف تقوية الشبكة الكهربائية الوطنية، وتعزيز قدرة المغرب على إدماج الطاقات المتجددة.

هذا التمويل أُعلن عنه في إطار زيارة ميدانية رفيعة المستوى إلى محطة جبل الحديد للطاقة الريحية بإقليم الصويرة (270 ميغاواط)، والتي تشكل إحدى لبنات البرنامج المغربي الطموح للطاقة النظيفة.

تمويل ضخم لتوسيع الشبكة وتعزيز الإدماج الطاقي

التمويل الجديد، بقيادة البنك الأوروبي للاستثمار (170 مليون أورو)، والبنك الألماني للتنمية (130 مليون أورو) نيابة عن الحكومة الألمانية، سيدعم تنفيذ استثمارات استراتيجية لتحديث وتوسيع شبكة نقل الكهرباء على مسافة 731 كيلومترا، بما يرفع القدرة الاستيعابية للشبكة بـ 1850 ميغا فولط أمبير.

ويهدف هذا البرنامج إلى تسهيل إدماج قدرات إنتاج كهربائي جديدة من مصادر متجددة، وتقوية دور المكتب كفاعل محوري في قيادة التحول الطاقي بالمغرب.

أثر بيئي واقتصادي ملموس

هذه الاستثمارات، وفق بلاغ مشترك للمؤسسات المانحة، ستُسهم في خفض الانبعاثات الكربونية بـ390 ألف طن سنويًا بحلول 2030، وتحسين أمن التزود بالكهرباء، وتحفيز التنمية الاقتصادية في مختلف جهات المملكة.

وتعكس هذه الدينامية رغبة المغرب في تحقيق السيادة الطاقية وتثبيت مكانته كنموذج إقليمي في مجال الطاقة المستدامة.

مخطط استثماري ضخم نحو 2030

المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب أكد أنه انخرط في مخطط استثماري ضخم بقيمة 220 مليار درهم في أفق 2030، منها 177 مليار درهم مخصصة لقطاع الكهرباء وحده، بهدف رفع حصة الطاقات المتجددة إلى 56% بحلول نهاية 2027.

ويشمل هذا المخطط تطوير 12.5 جيغاواط من القدرات المتجددة، وإنشاء طريق كهربائي سريع بطاقة 3000 ميغاواط يربط الجنوب بالوسط عبر 1400 كيلومتر.

محطة جبل الحديد: نموذج للشراكة الخضراء

تمثل محطة “جبل الحديد”، التي دخلت الخدمة في أكتوبر 2024، المشروع الرابع ضمن البرنامج المندمج للطاقة الريحية (1000 ميغاواط).
بقدرة إنتاج تبلغ 270 ميغاواط، توفر المحطة ما يعادل استهلاك 1.2 مليون نسمة سنويا، وتُعد مثالًا حيًا على أثر الشراكة بين المغرب وفريق أوروبا في تحقيق الأهداف المناخية.

فريق أوروبا”: تنسيق مالي وتقني لتحقيق التحول الطاقي

التمويل الجديد يستند إلى آلية «مبادرة الاعتماد المتبادل» (MRI)، التي تمنح البنك الأوروبي للاستثمار دور القيادة، ما يسمح بتبسيط الإجراءات، وتسريع وتيرة التنفيذ، وتحقيق تناغم أكبر بين المؤسسات المانحة.

وأكدت مختلف الأطراف الأوروبية أن هذا التمويل يعزز متانة الشراكة الاستراتيجية مع المغرب، كما أنه يعكس ثقة دول الاتحاد في رؤية المغرب للتحول الطاقي بقيادة جلالة الملك محمد السادس.

شهادات من قلب الشراكة

  • يوانيس تساكيريس، نائب رئيس البنك الأوروبي للاستثمار: ندعم توسعة شبكة الكهرباء لتكون العمود الفقري للطاقة الخضراء في المغرب، ضمن علاقة ممتدة لثلاثة عقود مع المكتب الوطني.
  • باتريسيا لومبارت كوساك، سفيرة الاتحاد الأوروبي: هذا البرنامج تجسيد ملموس للشراكة الخضراء التي تجمعنا بالمغرب، ولالتزامنا الدائم بتمويل البنى التحتية الاستراتيجية.
  • روبير دولغر، سفير ألمانيا: من خلال هذا الاتفاق، ننتقل إلى مرحلة جديدة في تحقيق أهدافنا المناخية المشتركة، عبر استثمارات في الطاقات الشمسية والريحية وتوسيع الشبكة.
  • كريستيان لايباخ، عن البنك الألماني للتنمية: ندعم بناء شبكة كهربائية رقمية ومرنة، قادرة على استقبال الكهرباء المتجددة بكفاءة في المستقبل.
  • طارق حمان، المدير العام للمكتب الوطني: التمويل الجديد شهادة ثقة في قدرات المغرب، ويعزز موقع المملكة كفاعل إقليمي في التحول الطاقي.

المغرب والاتحاد الأوروبي: شراكة خضراء في خدمة المناخ

هذا التمويل يأتي في سياق الشراكة الخضراء التي تم توقيعها بين المغرب والاتحاد الأوروبي في أكتوبر 2022، والتي تركز على تحفيز الإصلاحات المناخية، وتطوير سوق الكهرباء، وتشجيع الإنتاج الذاتي، وتعزيز التقارب مع السوق الأوروبية.

وفي مؤتمر المناخ (كوب 28)، أطلق الطرفان برنامج “الطاقات الخضراء” لتسريع إزالة الكربون من المنظومة الطاقية الوطنية.

المغرب في طريقه ليصبح منصة إقليمية للطاقة المستدامة

بفضل هذه المشاريع والتمويلات، يواصل المغرب ترسيخ موقعه كـ نقطة التقاء استراتيجية بين إفريقيا وأوروبا في مجال الطاقة المتجددة، ويُثبت أنه ليس فقط يواكب التحول الطاقي العالمي، بل يقوده إقليميًا بنموذج طموح واستباقي.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة