الدبلوماسية المغربية تُغيّر جلدها: من التمثيل إلى التأثير

فؤاد القاسمي28 مايو 2025آخر تحديث :
الدبلوماسية المغربية تُغيّر جلدها: من التمثيل إلى التأثير

في زمن تتسارع فيه التحولات الجيوسياسية ويتزايد الضغط على الدول لتعزيز سيادتها الاقتصادية، يخطو المغرب بثبات نحو إعادة تعريف موقعه في خارطة العلاقات الدولية.

لم تعد السياسة الخارجية مجرّد بروتوكولات وبلاغات، بل أداة تنموية بامتياز، تضع الاقتصاد والجالية في قلب المعادلة.

بوريطة يرفع السقف: السياسة الخارجية منصة تجارية وتنموية

في مداخلة برلمانية وُصفت بـ”الاستراتيجية”، كشف وزير الشؤون الخارجية، ناصر بوريطة، عن ملامح تحول نوعي في الدبلوماسية المغربية، من تمثيل رمزي إلى وساطة اقتصادية فاعلة.

الإعلان عن مديرية عامة للدبلوماسية الاقتصادية وتعيين ملاحق اقتصاديين بعدد من السفارات، يؤشر على بداية مرحلة جديدة تُدار فيها المصالح الخارجية بلغة الأسواق والفرص لا البيانات فقط.

من “تحويلات” إلى “تحولات”: الجالية المغربية ورقة رابحة تنتظر التفعيل

تحويلات مغاربة العالم تتجاوز 100 مليار درهم سنوياً، لكنها بالكاد تُترجم إلى استثمار فعلي داخل الوطن. الوزير بوريطة لمح إلى هذه المفارقة، واضعاً الإصبع على جرحٍ قديم:

هل الجالية شريك استراتيجي أم مجرد مصدر للعملة الصعبة؟

الواقع أن 90% من التحويلات تُصرف في الاستهلاك فقط. والسبب؟ ثالوث: بيروقراطية خانقة، ضعف الثقة، وانعدام التأطير المؤسسي.

المؤسسة المحمدية لمغاربة العالم: بداية إصلاح أم واجهة رمزية؟

إحداث المؤسسة المحمدية لمغاربة العالم يبدو خطوة في الاتجاه الصحيح، لكن نجاح هذا الورش يتوقف على 3 شروط محورية:

  • تحديد صلاحيات دقيقة تمنع التداخل مع باقي المؤسسات.
  • إشراك فعلي للجالية في التصور والتدبير.
  • تأطير قانوني يضمن الاستمرارية والمحاسبة.

فالرهان ليس في إنشاء مؤسسات جديدة فحسب، بل في إعادة ترميم الجسر المهترئ بين الدولة والمغتربين.

انتصارات ناعمة.. ولكن!

نعم، المغرب راكم نجاحات ملموسة في صمت:

  • استقرار مؤسساتي وسط محيط إقليمي هش.
  • تنويع الشراكات جنوباً وشرقاً.
  • شبكة تمثيليات دبلوماسية بمهام تنموية واضحة.

لكن هذه النجاحات تبقى عرضة للتآكل إن لم تُدعم بإصلاح مؤسسات الهجرة والاستثمار، وإن لم تُحول الجالية من “متفرجة” إلى “شريكة في القرار”.

الخلاصة: الجالية ليست “خزان عملات”.. بل شريك وطني عالمي

بناء دبلوماسية اقتصادية فعالة، وتوظيف مغاربة العالم كقوة ناعمة واقتراحية، ليس ترفاً سياسياً بل ضرورة استراتيجية لبلد يسعى لانتزاع موقع فاعل في إفريقيا والمتوسط والعالم.

ويبقى التحدي الأكبر: هل تمتلك الحكومة الشجاعة لتجاوز الخطابات، وبدء ورش التفعيل الجاد؟

ربما الجواب لا يوجد في الشعارات، بل في مدى وفاء المؤسسات بروح الخطاب الملكي.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة