رغم المؤشرات المشجعة التي كشفت عنها وزارة السياحة، ما تزال السياحة الداخلية تمثّل نقطة ضعف هيكلية في النموذج السياحي المغربي، حيث لا تتجاوز مساهمتها 30 في المئة من ليالي المبيت، مقارنة بدول رائدة في المجال تبلغ فيها النسبة 70 في المئة.
8.5 ملايين ليلة مبيت.. ولكن!
في معرض ردّها على أسئلة النواب البرلمانيين بمجلس النواب، أعلنت وزيرة السياحة، فاطمة الزهراء عمور، أن السياحة الداخلية سجلت حوالي 8.5 ملايين ليلة مبيت خلال سنة 2024، أي ما يعادل 30 في المئة من إجمالي ليالي المبيت في الفنادق المصنفة.
كما أشارت إلى تسجيل مليوني ليلة مبيت في الأشهر الأربعة الأولى من 2025، بارتفاع طفيف بلغ 4 في المئة مقارنة مع الفترة نفسها من السنة الماضية، ما يعكس إقبالاً متزايدًا من طرف المغاربة.
خبير يحذر: “السياحة الداخلية ليست بخير“
لكن الخبير السياحي الزبير بوحوت، يرى أن هذه الأرقام رغم إيجابيتها، تخفي خلفها إشكالية بنيوية، قائلاً:
“30 في المئة نسبة ضعيفة جداً مقارنة بـ70 في المئة في دول متقدمة سياحيًا… السياحة الداخلية لا تزال الحلقة الأضعف في خارطة الطريق السياحية للمغرب”.
وأكد أن السياح المغاربة هم الزبون الأول للفنادق المغربية منذ 2013، لكن معدل النمو غير متوازن:
- ليالي المبيت الدولية ارتفعت بنسبة 18% سنة 2024
- أما الداخلية فانخفضت بـ0.43% في نفس الفترة
السياحة الدولية تكتسح.. والداخلية تتراجع
مقارنة بالسنة المرجعية 2019، سجلت ليالي المبيت السياحي عامة ارتفاعًا بنسبة 14 في المئة، إلا أن النمو كان مدفوعًا أساسًا بالسياحة الدولية (+16%)، مقابل 9% فقط للسياحة الداخلية، وهو ما يُبرز تفاوتًا في الدينامية بين السوقين.
بنية تحتية نخبوية.. وسوق مغربية مهدورة
يرى بوحوت أن هذه الفجوة تعود أساسًا إلى أن العروض السياحية الموجهة للمغاربة تركّز على الفئات الميسورة فقط، أي القادرة على تحمّل كلفة الإقامة بالفنادق المصنفة.
وأضاف:
“لو تم تقديم عروض ملائمة لذوي الدخل المحدود، يمكن أن نصل إلى 30 مليون ليلة مبيت داخلية بدل 8 فقط“.
كما نبّه إلى تراجع مخطط “بلادي“ الذي كان موجها لدعم السياحة الداخلية، معتبرًا ذلك تراجعًا عن فرصة استراتيجية لتنمية قطاع مرن ومستقر في مواجهة الأزمات العالمية.
السياحة الداخلية… صمام أمان مؤجَّل
ختم بوحوت تصريحه بالتأكيد على أن السياحة الداخلية ليست فقط خيارًا اقتصاديًا، بل ضمانة استقرار في زمن الأزمات الجيوسياسية، كما أثبتت أزمة كوفيد-19.
لكنه شدد على أن تحقيق هذا الطموح يتطلب إرادة سياسية واستثمارًا في البنية التحتية والعروض الموجهة للأسر المغربية المتوسطة والضعيفة، وليس فقط تسويق الأرقام.