المغرب والهند… تحالف فضائي يتجاوز المدار

فؤاد القاسمي20 يونيو 2025آخر تحديث :
المغرب والهند… تحالف فضائي يتجاوز المدار

في خطوة تعكس التحول الاستراتيجي للمملكة نحو العلوم والتكنولوجيا المتقدمة، يشهد التعاون الفضائي بين المغرب والهند تطورًا متسارعًا منذ توقيع مذكرة تفاهم في نيودلهي بتاريخ 25 شتنبر 2018، دخلت حيز التنفيذ سنة 2019، لتؤسس لإطار شامل وواعد في الاستخدامات السلمية للفضاء الخارجي.

شراكة نموذجية على الخارطة الإفريقية

خلال مائدة مستديرة نظّمتها منظمة أبحاث الفضاء الهندية (ISRO) في مدينة بنغالور، أكد مسؤولون هنود أن التعاون مع المغرب يُعد نموذجًا متقدمًا على مستوى القارة الإفريقية، حيث يشمل مجالات حيوية مثل:

  • الاستشعار عن بعد
  • الاتصالات الساتلية
  • الملاحة الفضائية
  • استكشاف الكواكب
  • تطوير الأنظمة الفضائية والأرضية

هذا التعاون يُشرف عليه فريق عمل مشترك يضم خبراء من ISRO ووزارة الفضاء الهندية، إلى جانب ممثلين عن المركز الملكي للاستشعار عن بعد والمركز الملكي لأبحاث ودراسات الفضاء المغربي، بوضع خارطة طريق دقيقة بمراحل تنفيذ محددة.

من التدريب إلى التمكين التكنولوجي

منذ دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استفاد مهندسون مغاربة من برامج تدريبية متقدمة، أبرزها:

  • برنامج UNNATI لتأهيل الدول النامية في بناء وتشغيل الأقمار الصناعية الصغيرة
  • تكوينات متخصصة بالمعهد الهندي للاستشعار عن بعد
    كما شارك المغرب في ورشات تقنية، من أبرزها ورشة “مراقبة الأرض” عام 2021، التي ركزت على توظيف المعطيات الفضائية في الزراعة وتدبير الموارد.

الفضاء في خدمة التنمية… دون انتظار إطلاقات فضائية

يركّز التعاون الحالي على تمكين المغرب من استخدام التطبيقات الفضائية بشكل مباشر في ميادين التنمية المستدامة، تدبير الكوارث، المراقبة البيئية والزراعية، دون الحاجة إلى إطلاق أقمار أو منصات فضائية مستقلة، في مرحلة أولى.

هذه المقاربة تواكب الاستراتيجية الهندية لتوسيع شراكات الجنوب، عبر تصدير المعرفة والخبرة في مجال الفضاء بتكلفة ذكية وميسّرة.

المغرب يخطو بثبات نحو نادي الفضاء

بالنسبة للمغرب، فالشراكة تتجاوز البعد التقني لتشكل فرصة استراتيجية لتعزيز ريادته القارية في قطاع الفضاء، خاصة مع امتلاكه لأقمار صناعية مثل “محمد السادس A وB”، ومحطات استقبال بيانات متطورة.
المحادثات بدأت تنتقل نحو إمكانيات التصنيع المشترك للأقمار الصغيرة، في خطوة طموحة نحو دخول المغرب مرحلة الإنتاج الفضائي الذكي.

الفضاء ليس حكرًا على الكبار… بل على الطموحين

الهند، التي تخطط لإرسال رواد فضاء ضمن برنامج “غاگانيان”، وبناء محطة فضائية بحلول 2035، ترى في المغرب شريكًا واعدًا في جهودها لبناء تعاونات فضائية مع الدول النامية.
أما المغرب، فبفضل هذه الشراكة، يعزز موقعه كدولة تمتلك رؤية علمية متقدمة تستثمر في الذكاء الفضائي من أجل تنمية أكثر استدامة.

نحو جيل جديد من المهندسين والتطبيقات

المرحلة المقبلة من التعاون ستركز على تعميق برامج التكوين ونقل الخبرة، وفتح الباب أمام تعاون صناعي مستقبلي، مع مواصلة تطوير التطبيقات العملية، في انتظار أن يصبح المغرب طرفًا فاعلًا في الصناعات الفضائية، لا مجرد مستخدم لها.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة