مع أولى موجات الحرارة الصيفية، عادت مآسي الغرق لتضرب بقوة على شواطئ الرباط وسلا والمدن المجاورة، حيث تحوّل البحر في عطلة نهاية الأسبوع الماضي إلى مسرح لفاجعة إنسانية جديدة بشاطئ وادي إيكم، بعدما جرفت الأمواج شقيقين أمام أنظار المصطافين.
تيارات قاتلة ولافتات منسية
رغم وجود لافتات تحذر من خطورة السباحة في هذا الشاطئ المصنف من بين أخطر شواطئ المملكة، إلا أن التيارات البحرية العنيفة كانت أسرع من أي تنبيه.
وقد جرى انتشال جثة أحد الشقيقين، فيما تواصل فرق الوقاية المدنية والدرك الملكي البحث عن الثاني وسط تضامن شعبي واسع ومطالب بالتحقيق.
صيف الغرق.. مشهد يتكرر كل عام
ليست هذه الحادثة معزولة، بل تأتي ضمن سلسلة سوداء من الحوادث التي تتكرر كل موسم صيفي على شواطئ جهة الرباط – سلا – الصخيرات، من عين عتيق إلى الهرهورة.
غالبية الضحايا شباب ومراهقون، يواجهون الموت في شواطئ غير محروسة أو خطرة، في غياب حراسة موسمية فعالة.
أرقام مفزعة وتدابير غائبة
تشير معطيات غير رسمية إلى أن صيف 2023 وحده سجل أكثر من 30 حالة غرق في جهة الرباط – سلا – القنيطرة، أغلبها في شواطئ غير مؤهلة أو ممنوعة السباحة فيها.
ورغم ذلك، تبقى التدابير الوقائية محدودة، وتغيب دوريات التوعية والتنبيه، خصوصًا في عطلة نهاية الأسبوع.
الصخيرات والهرهورة.. ازدحام قاتل وإنقاذ شبه غائب
تعيش شواطئ الصخيرات والهرهورة ضغطًا كبيرًا في ذروة الصيف، حيث تتوافد آلاف العائلات من العاصمة والمدن المجاورة، لكن بأعداد غير متوازنة مع عدد المنقذين أو الوسائل المتاحة للإنقاذ، ما يجعل الحوادث مجرد مسألة وقت، خاصة حين يقفز الشباب إلى أماكن وعرة أو ذات تيارات غادرة.
مطالب مجتمعية بإنقاذ الأرواح قبل أن يلفظهم البحر
في ظل هذا الواقع المقلق، ترتفع أصوات المجتمع المدني والمواطنين للمطالبة بخطة إنقاذ شاملة تتجاوز البلاغات الرسمية:
- تعزيز التوعية الوقائية
- إطلاق حملات تحسيسية منتظمة
- توفير منقذين محترفين في الشواطئ المصنفة “خطيرة“
- وتفعيل حواجز مادية أو مراقبة مستمرة لمنع الولوج إلى الشواطئ غير الآمنة
خاتمة: البحر لا يرحم… فمن يحمي الأرواح؟
أرواح الشباب لا يجب أن تذهب سدى كل صيف.
فالمأساة لم تعد استثناء، بل باتت نمطًا صيفيًا قاتمًا يتكرر كل عام.
وأمام هذه التحديات، الإنقاذ لا يجب أن يكون لحظة بطولية في لحظة الغرق، بل خطة دائمة للحماية قبل فوات الأوان.