وسط تحولات استراتيجية يشهدها قطاع الزراعة في منطقة البحر الأبيض المتوسط، يواصل المغرب ترسيخ مكانته كـقوة صاعدة في إنتاج وتصدير الفواكه الاستوائية، وعلى رأسها الأفوكادو، الذي بات أحد أبرز رموز النجاح الفلاحي المغربي خلال السنوات الأخيرة.
طفرة مغربية في التصدير.. 29 ألف طن نحو إسبانيا
كشفت بيانات رسمية صادرة عن وزارة الاقتصاد والتجارة الإسبانية أن واردات إسبانيا من الأفوكادو المغربي سجلت قفزة نوعية خلال الربع الأول من 2025، بنسبة نمو بلغت 73% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، رغم تزامنها مع موسم جني المحصول الإسباني، خاصة صنف “هاس” المعروف.
تقنيات الري والابتكار الزراعي وراء التفوق المغربي
وراء هذا الارتفاع اللافت، تقف استثمارات مغربية قوية في تحديث منظومة الإنتاج الفلاحي، عبر تعميم تقنيات الري الذكي، وتطوير سلاسل التوريد والتخزين والتصدير، مما رفع الإنتاج الوطني إلى أكثر من 120 ألف طن هذا الموسم، متفوقًا بشكل واضح على الإنتاج الإسباني الذي لم يتجاوز 75 ألف طن.
احتجاجات المنتجين الإسبان.. ومخاوف من “منافسة غير عادلة“
هذا التوسع المغربي لم يمر دون ضجيج، إذ أبدى عدد من المنتجين في الأندلس وبلنسية تخوفهم مما وصفوه بـ”منافسة غير متكافئة“، تعود – حسب قولهم – لاختلاف شروط البيئة، وظروف العمل، والقيود التنظيمية بين الضفتين، وهو ما انعكس على أسعار المنتج الإسباني التي تراجعت بنسبة 29%.
التقارير تبرئ الأفوكادو المغربي من شبهات المبيدات
رغم الانتقادات، تقارير مراقبة الحدود الإسبانية أظهرت أن الانتهاكات المتعلقة ببقايا المبيدات المسجلة في بداية 2025 لا تعود إلى الصادرات المغربية، بل تعود أساسًا إلى واردات من بلدان أخرى مثل بيرو، مما يخفف الضغط على المنتج المغربي ويعزز صورته في السوق الأوروبية.
دعوة لحوار زراعي جديد بين الشمال والجنوب
هذا الوضع يُعيد فتح النقاش حول ضرورة إعادة صياغة الشراكة الزراعية المتوسطية، بما يضمن استدامة التعاون، ويُراعي التحديات المناخية والاجتماعية المتزايدة. كما يُطالب الخبراء بإصلاح السياسات الزراعية الأوروبية لتكون أكثر عدالة وتكيّفًا مع الواقع الجديد، بدل إلقاء اللوم على الشركاء الجنوبيين.