في خطوة وُصفت بالتحول الاستراتيجي، أعلنت وزارتا الخارجية والتجارة الخارجية في الأرجنتين عن إطلاق خطة جديدة لتعزيز العلاقات الاقتصادية مع المملكة المغربية، كجزء من مسار أوسع يهدف إلى تنويع الشراكات خارج الأسواق التقليدية، وعلى رأسها أوروبا وأمريكا الجنوبية.
المغرب.. أكثر من مجرد شريك تجاري
اختيار المغرب لم يكن وليد صدفة فهو، كما وصفت المصادر الأرجنتينية، “اقتصاد صاعد بموقع ذكي“، يربط بين أوروبا وإفريقيا، ويوفر بوابات لوجستيكية عالمية مثل ميناء طنجة المتوسط.
هذا بالإضافة إلى بيئة أعمال منفتحة وسريعة التكيّف مع التحولات الرقمية العالمية.
بعثة اقتصادية متعددة القطاعات.. والدار البيضاء تحتضن البداية
يومي 7 و8 أكتوبر المقبل، ستحل بعثة تجارية أرجنتينية متعددة القطاعات في مدينة الدار البيضاء، حاملة معها تطلعات كبيرة لتوقيع شراكات في مجالات البرمجيات، وقطع غيار السيارات، والصناعات الدوائية.
لقاءات عمل، زيارات ميدانية، وفعاليات تواصلية ستجمع ممثلي القطاعين العام والخاص من الجانبين، بهدف فتح قنوات تعاون جديدة على أرض الواقع.
من “التصدير” إلى “التكامل”.. تغيير في قواعد اللعبة
البيانات الاقتصادية تكشف أن حجم صادرات الأرجنتين نحو المغرب بلغ 105 ملايين دولار في ماي 2025، مقابل واردات بقيمة 68.5 مليون دولار. لكنها أرقام مرشحة للتغيير.
الأرجنتين تسعى اليوم من التصدير فقط إلى إدماج اقتصادها في سلاسل القيمة العالمية، عبر بوابة المغرب، مستفيدة من بنيته التحتية المتقدمة وتحولاته الرقمية السريعة.
الطريق ليس مفروشًا بالورود.. تحديات تنتظر الأرجنتينيين
رغم الفرص الواعدة، تواجه البعثة الأرجنتينية تحديات لا يمكن تجاهلها:
- ضرورة احترام المعايير الصحية والتنظيمية المغربية
- مطابقة المنتجات لمواصفات “حلال”
- التعامل مع منافسة شرسة من فاعلين اقتصاديين من أوروبا وآسيا
- التعقيدات اللوجستيكية وسلاسل التبريد، خاصة في الصناعات الغذائية والدوائية
- والأهم: فهم الخصوصية الثقافية المغربية لضمان اندماج سلس ومثمر
من الدبلوماسية إلى الاقتصاد.. علاقة عمرها 60 عامًا تتجدد بروح العصر
العلاقات المغربية الأرجنتينية ليست جديدة، فقد انطلقت منذ سنة 1960، لكنها اليوم تدخل مرحلة جديدة أكثر حيوية وتوازنًا.
خلال السنوات الخمس الأخيرة، تضاعف حجم التبادل التجاري ثلاث مرات، خصوصًا مع صعود المغرب كمصدر رئيسي للأسمدة، في مقابل صادرات أرجنتينية من المنتجات الفلاحية والحيوانية.
المغرب.. مفترق طرق إفريقي بدينامية عالمية
المصادر الأرجنتينية تؤكد أن المغرب لم يعد مجرد شريك، بل “مدخل استراتيجي نحو إفريقيا جنوب الصحراء، والخليج، وأوروبا“.
هو اليوم أحد أبرز الفاعلين الاقتصاديين في الجنوب العالمي، وشريك لا غنى عنه لمن يريد اختراق الأسواق الصاعدة بذكاء وفعالية.
الأرجنتين تغيّر وجهتها.. والمغرب حاضر في المعادلة الجديدة
المبادرة الأرجنتينية ليست فقط خطة تجارية، بل تحوّل جيو-اقتصادي يعكس توجه بوينس آيرس لفك الارتباط التدريجي مع الأسواق التقليدية، والانفتاح على فضاءات جديدة أكثر مرونة ودينامية.
والمغرب، بكل ما راكمه من إنجازات في العقدين الأخيرين، يتقدم اليوم كأرضية مثالية لهذا التحول.