في جلسة تشريعية حاسمة، صادق مجلس النواب المغربي، اليوم الثلاثاء، على مشروع القانون رقم 03.23 المتعلق بتغيير وتتميم قانون المسطرة الجنائية، وذلك في إطار قراءة ثانية بعد مراجعات مستفيضة بمجلس المستشارين.
وحظي المشروع بموافقة 47 نائبًا، مقابل رفض 15، دون تسجيل أي امتناع عن التصويت، ما يعكس الجدل القائم حول بعض مضامين التعديلات.
تعديلات لضبط المساطر وحماية الحقوق
أهم ما حملته النسخة المعدّلة من المشروع، هو السعي إلى تحقيق التوازن بين نجاعة الإجراءات القضائية واحترام حقوق الأفراد، وذلك من خلال تدقيق العبارات وتوضيح المساطر.
ومن أبرز المستجدات:
- ضبط إجراءات الحجز وتجميد الممتلكات، مع استثناء الأجور، المعاشات، والتركات التي لا علاقة لها بالجريمة.
- حماية ممتلكات الأفراد من المساس غير المشروع بها، ترسيخًا لمبدأ قرينة البراءة.
الإكراه البدني… تعديل يراعي الفئات الهشة
أحدث المشروع قفزة في مسطرة الإكراه البدني، من خلال:
- حذف مسطرة الإنذار.
- اعتماد منصة إلكترونية لتسيير هذا النوع من المساطر.
- رفع السن الأدنى لعدم تطبيق الإكراه البدني من 18 إلى 20 سنة.
- استثناء المبالغ الأقل من 8000 درهم من نطاق الإكراه، ما يُعد إشارات واضحة لمراعاة الجوانب الإنسانية والاجتماعية.
نهاية الإذاعة القضائية… وبداية النشر الرقمي
من أبرز التعديلات الرمزية في المشروع:
- إلغاء “إذاعة المسطرة الغيابية” عبر وسائل الإعلام التقليدية.
- اعتماد منصة إلكترونية خاصة تُنشر فيها الإعلانات القضائية، في خطوة تعكس التوجه نحو رقمنة العدالة وضمان احترام كرامة الأفراد.
العدالة الرفيقة بالأحداث: تخفيض العقوبات وإصلاح تدريجي
حملت المادة 632.7 بُشرى لفئة الأحداث المحكوم عليهم، إذ نصت على:
- مضاعفة مدة التخفيض التلقائي للعقوبة، بما يكرس مبدأ الإصلاح بدل العقاب، ويمنح الأحداث أملًا في إعادة الاندماج.
تقليص مدة التحقق من الهوية… بحد أقصى 4 ساعات
في بُعد يعكس حماية الحريات الفردية، قلّص المشروع ساعات التحقق من الهوية إلى:
- 4 ساعات فقط، تحتسب من لحظة الإيقاف.
- يمكن تمديدها بأربع ساعات إضافية فقط بإذن من وكيل الملك.
وهو تعديل يضع سقفًا زمنيًا صارمًا لتفادي أي شطط أو تعسف في الاحتفاظ بالأشخاص.
خطوة نحو عدالة أكثر إنصافًا… لكن النقاش لم يُغلق
بين من يرى في هذه التعديلات خطوة متقدمة نحو عدالة أكثر توازنًا وحداثة، ومن يعتبرها غير كافية أو تستوجب توسيع النقاش المجتمعي، يبقى مشروع تعديل قانون المسطرة الجنائية محطة محورية في مسار إصلاح المنظومة القضائية المغربية.