في تحول لافت يعكس تغيرات عميقة في سلوك المستهلك المغربي، بدأت السيارات الصينية تزيح نظيراتها الأوروبية عن عرش السوق المحلي، مكرسة نفسها كخيار ذكي يجمع بين السعر المعقول، والتكنولوجيا المتقدمة، والجودة المتنامية.
من “صنع في الصين” إلى “مطلوب في المغرب“
ما كان يُنظر إليه قبل سنوات بشيء من التردد، أصبح اليوم عنواناً للثقة. عبارة “Made in China” لم تعد مثار شك، بل تحولت إلى عامل جذب قوي، خاصة في ظل ارتفاع أسعار السيارات الفرنسية والألمانية وتراجع خدمات ما بعد البيع. المستهلك المغربي لم يعد يبحث عن “العلامة”، بل عن القيمة مقابل المال.
صوت الخبراء: أوروبا تتراجع.. والصين تتقدم بثبات
سمير شوقي، رئيس مركز التفكير المغربي “أوميغا”، يرى أن هيمنة الصين على سوق السيارات بالمغرب مسألة وقت لا أكثر. ويرى أن على الماركات الأوروبية مراجعة أسعارها قبل أن تجد نفسها خارج اللعبة تمامًا.
أما الباحث الاقتصادي بدر الزاهر الأزرق، فاعتبر أن المغرب يعيش تحولًا نوعيًا في العقل الاستهلاكي، بعدما تجاوز المستهلك مخاوفه القديمة من الجودة الصينية، خاصة بعد ملاحظة انتشار تلك السيارات في شوارع أوروبا نفسها.
خدمة ما بعد البيع.. كانت عقدة وانفكت
واحدة من أكبر تحديات السيارات الصينية في المغرب كانت ضعف شبكة التوزيع وندرة قطع الغيار. لكن الأزرق يؤكد أن هذه الثغرات تم تجاوزها بشكل كبير في السنوات الأخيرة، ما منح المستهلك المغربي مزيداً من الثقة والإقبال.
عامل السعر.. كلمة السر في القرار المغربي
المقارنة لم تعد لصالح الأوروبيين. فبعض الطرازات الأوروبية تباع بأسعار مضاعفة لنظيراتها الصينية، ما يجعل الأخيرة أكثر جاذبية لدى الطبقة المتوسطة والمحدودة الدخل.
هل يصنع المغرب مستقبل السيارات الصينية؟
في ظل الدينامية الصناعية التي يعرفها المغرب، يطرح الأزرق تساؤلاً استراتيجياً:
“هل نشهد قريباً تصنيع سيارات صينية فوق التراب المغربي لتُصدر نحو أوروبا؟”
رغم أن الإجابة لم تتبلور بعد، فإن السيناريو بات قريبًا من التحقق، خاصة مع توجه الصين إلى تعزيز انتشارها خارج الحدود رغم القيود الجمركية.
في النهاية: المستهلك هو الرابح الأكبر
سواء جاءت من باريس، شتوتغارت أو شينزن، الأهم هو أن المنافسة تصبّ في مصلحة المستهلك المغربي، الذي بات اليوم أكثر وعيًا، أكثر تطلبًا، وأقل انبهارًا بالشعارات.