تحتضن موريتانيا هذه الأيام فصلًا جديدًا من التنافس المغربي الجزائري، لكن هذه المرة على جبهة الطاقة، حيث يتحول الوقود إلى أداة صراع استراتيجي، تتجاوز مفاعيله الاقتصاد لتطال عمق التوازنات الإقليمية في غرب إفريقيا.
اتفاق جزائري… وحذر موريتاني
أفاد موقع “أنباء إنفو” الموريتاني أن شركة “سوناطراك” الجزائرية وقعت نهاية يونيو اتفاقًا مع الشركة الوطنية للمحروقات في موريتانيا، لإنشاء كيان مشترك لتوزيع المنتجات النفطية المكررة.
لكنّ الاتفاق الذي رافقته ضجة إعلامية، سرعان ما واجه أسئلة الثقة والفعالية، حيث اعتبر مراقبون أن المستثمر الجزائري ما زال يبحث عن موطئ قدم في سوق تتطلب حضورًا ملموسًا وسمعة قوية، وهي عناصر تصب لصالح الطرف المغربي حتى الآن.
“أكوا أفريكا” المغربية… من الخدمة إلى السيادة الاقتصادية
في المقابل، نجحت شركة “أكوا أفريكا“، الذراع الدولية لمجموعة أكوا المغربية، في فرض وجودها على الأرض، خصوصًا في نواكشوط ونواذيبو، بفضل شبكة توزيع فعالة، وخدمات موثوقة، وأسعار مدروسة.
ويرى متابعون أن التقدير الموريتاني للتجربة المغربية نابع من النجاحات الاجتماعية والتنموية الموازية للمشاريع الاقتصادية، ما جعل “أكوا” أكثر من مجرد مزود طاقة، بل شريكًا تنمويًا موثوقًا.
الجزائر تحاول تعديل الكفة… بالمال والنفوذ
ورغم التقدّم المغربي، تراهن الجزائر على ثقلها الجيوسياسي والقدرات التمويلية الكبيرة لشركة “سوناطراك” لتغيير قواعد اللعبة، من خلال حوافز مغرية قد تُغري بعض الأطراف داخل السوق الموريتانية.
لكنّ الرهان ليس سهلًا، فوفق مصادر مقربة من الدوائر الاقتصادية في نواكشوط، القرار الموريتاني الاستراتيجي يميل إلى الشراكات المستقرة وطويلة المدى، بعيدًا عن التجاذبات الآنية والحسابات الظرفية.
سوق الوقود في موريتانيا… مرآة لصراع أعمق
في خضم هذا السباق، تحولت شبكات توزيع المحروقات إلى ساحة تعكس ديناميات أوسع تشمل الأمن، التنمية، والسيادة الإقليمية، في لحظة دقيقة تشهد فيها المنطقة غرب الإفريقية إعادة تشكيل الأولويات الجيوسياسية.
فلم تعد تعبئة خزانات الوقود مجرد عملية تجارية، بل أصبحت رسالة استراتيجية تحمل توقيع من يطمح لقيادة المنطقة.