في خطوة استباقية ورؤية عميقة تعكس فهمًا عميقًا لتحديات العصر الحديث، أعلن وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق، عن انطلاق برنامج تكويني رقمي طموح يهدف إلى تمكين أكثر من 3900 إمام ومرشد ومرشدة من مهارات وتقنيات التواصل الرقمي، ليصبحوا قادرين على إنتاج محتوى ديني تفاعلي وحيوي يخاطب فئات المجتمع كافة، وبخاصة الشباب.
مدخل جديد للإرشاد الديني: التواصل الرقمي في قلب الاستراتيجية
أكد الوزير التوفيق في ردّه على سؤال برلماني أن الوزارة تعمل بتنسيق محكم مع المجلس العلمي الأعلى على تطوير الخطاب الديني عبر الوسائط الرقمية والمنصات التكنولوجية الحديثة، مشدداً على أن هذه المبادرة تأتي استجابة للتغيرات المتسارعة في أنماط التواصل، وتستهدف بناء جسر بين الأصالة الدينية والحداثة الرقمية، بما يضمن تربية روحية متزنة قائمة على الثوابت الوطنية والدينية.
بين الحضور الميداني والرقمي: استراتيجية متكاملة لتبليغ رسالة الدين
تسير الوزارة بخطى واثقة في استراتيجية مزدوجة تجمع بين البعدين الميداني والرقمي، حيث يعزز الحضور الإلكتروني للوزارة تاريخًا يمتد منذ 2005، من خلال بث خطب الجمعة والدروس الوعظية والبرامج التوجيهية، على منصات التواصل الاجتماعي التي تجاوز عدد متابعيها حدود الوطن إلى العالمية، مع وصول شهري يناهز 1.8 مليون زيارة، 70% منها من الشباب الباحثين عن إجابات وتأملات روحية.
محتوى رقمي ضخم ورؤية طموحة لخدمة المجتمع
يبرز في هذا المضمار إنتاج الوزارة لأكثر من 200 ألف محتوى رقمي مفهرس ومتجدد، يديرها فريق محترف عبر عشر منصات تواصل اجتماعي، تلاقي تفاعلاً حيوياً من طرف الجماهير. ومن بين أبرز إنجازات الوزارة، منصة الحديث الشريف التي أطلقت سنة 2022، تضم أكثر من 12 ألف حديث نبوي، وتقدم خدمة تفاعلية للإجابة عن أسئلة المواطنين التي تجاوزت 3500 استفسار، مع تقييم مرتفع تجاوز 4.8 من 5 في متجر التطبيقات العالمي “Play Store”.
نافذة جديدة: إطلاق منصة رقمية خاصة بالقرآن الكريم
لا يتوقف الطموح عند هذا الحد، بل تستعد الوزارة لإطلاق منصة رقمية مبتكرة خاصة بالقرآن الكريم وعلومه، لتكون رافعة جديدة نحو تعزيز المعرفة الدينية بأساليب عصرية مبتكرة، تفتح آفاقًا جديدة في عالم التفاعل الديني المعاصر.
رسالة عميقة: الدين والرقمنة.. جسر يربط القيم بالمستقبل
في زمن يهيمن عليه التحول الرقمي وسرعة تداول المعلومات، تتجلى أهمية هذه المبادرة التي ترسخ مفهوم الدين الحي القادر على مخاطبة الشباب بلغتهم وتطلعاتهم، دون أن يفقد جوهره وروحه الأصيلة. فالخطاب الديني الرقمي الذي تنشده الوزارة، لا يقتصر على التفسير فقط، بل يتماهى مع الرؤية الوطنية الشاملة التي تدعو إلى تنمية الإنسان، وتعزيز اللحمة الاجتماعية، وحماية الهوية الثقافية والدينية في مواجهة تحديات العصر.
إنها رؤية عميقة تستشرف المستقبل بوعي ومسؤولية، تعكس حرص الوزارة على جعل الدين شمعة مضيئة لا تنطفئ في فضاء التكنولوجيا، ورافعة تربوية وقيمية تبني مجتمعا قوياً ومتماسكاً.