تحولت عبارة “طحن الورق مع الدقيق”، التي وردت على لسان أحمد التويزي، رئيس فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، خلال مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2026، إلى قضية رأي عام أثارت جدلًا واسعًا داخل الأوساط السياسية والإعلامية بالمغرب.
ففي خطوة سريعة، أمر الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط بفتح بحث قضائي معمق في الموضوع، وكلف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالإشراف على التحقيق، في محاولة لتحديد حقيقة ما ورد من معطيات خلفت موجة من التأويلات.
توضيح التويزي: “الكلام مجازي وليس ماديًا”
وبعد اشتعال الجدل، خرج التويزي بتوضيح رسمي يؤكد فيه أن المقصود من عبارته لم يكن أبدًا بالمعنى الحرفي أو المادي، بل جاء على سبيل التعبير المجازي المتداول في اللهجة المغربية، موضحًا أن المقصود هو التلاعب في الوثائق والفواتير للحصول على الدعم العمومي، وليس خلط الورق فعليًا بالدقيق.
وأشار إلى أن “من غير المنطقي اقتصادياً ولا واقعياً الحديث عن طحن الورق حرفياً، لأن قيمة الورق مرتفعة مقارنة بسعر الدقيق”، معبّرًا عن أسفه لتحريف المعنى واستغلاله لأغراض الإثارة والبحث عن البوز.
خلفيات التصريح: نقاش الدعم العمومي
خلال مداخلته البرلمانية، كان التويزي يوجه انتقادًا لسياسة الدعم الحالية، معتبرًا أن الاستفادة من صندوق المقاصة لم تعد عادلة، إذ يحصل الأغنياء على نصيب أكبر من الفقراء.
وكشف أن دعم غاز البوتان يكلف الدولة 53 مليار درهم، وأن هناك فلاحين يستهلكون ما يفوق 100 قنينة غاز أسبوعيًا، داعيًا إلى إعادة النظر في منظومة الدعم وتوجيهه مباشرة للأسر الفقيرة عبر السجل الاجتماعي الموحد.
مطالب بالإصلاح والرقابة
وأشار التويزي إلى أن دعم القمح يستهلك 16 مليار درهم سنويًا دون وضوح كافٍ حول المستفيدين الحقيقيين، مؤكدًا أن غياب المراقبة فتح الباب أمام الفساد والتلاعب.
وأضاف أن بعض أنواع الدقيق المدعّم غير صالحة للاستهلاك في عدد من المناطق، داعيًا إلى إجراءات رادعة وضمان جودة المنتوجات الغذائية التي تمس المواطن مباشرة.
بين السياسة والعدالة.. قضية تتفاعل
قضية “طحن الورق” فتحت الباب أمام نقاش وطني واسع حول الشفافية في صرف الدعم العمومي، كما أعادت إلى الواجهة سؤال الرقابة والمحاسبة في تدبير المال العام.
وفي انتظار نتائج التحقيق القضائي، تظل القضية مرشحة لمزيد من التفاعل، بين من يعتبرها زلة لغوية فُسرت خارج سياقها، ومن يراها إشارة رمزية لخلل عميق في منظومة الدعم والمراقبة.
 
			














 
                