تعثرت المفاوضات بين المغرب والاتحاد الأوروبي حول اتفاقية التبادل التلقائي للبيانات البنكية، بعد أن رفض مجلس النواب المغربي الصيغة المقترحة من منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OCDE) ومجموعة العشرين (G20).
رفضٌ يعكس مخاوف عميقة، خصوصًا من الجالية المغربية المقيمة بالخارج، التي رأت في الاتفاقية تهديدًا مباشرًا لخصوصيتها المالية.
مخاوف الجالية: بين السرية المصرفية و”شبح الغرامات“
الاتفاقية كانت ستفتح الباب أمام رفع السرية المصرفية عن أصول المغاربة في الخارج، مقابل حصول الرباط على معلومات مماثلة عن أصول مواطنيها في الدول الشريكة.
لكن الثمن بدا باهظًا بالنسبة للجالية: تبادل بيانات شخصية ومالية حساسة – من الأسماء الكاملة وأرقام جوازات السفر، إلى تفاصيل الحسابات البنكية والأرصدة والعوائد الاستثمارية.
هذه المعطيات، في حال تسريبها أو استغلالها، قد تُعرِّض مئات الآلاف من المغاربة لملاحقات مالية وقضائية في بلدان الإقامة.
أوروبا تضغط… والمغرب يناور
تزامن هذا التوتر مع تقارير أوروبية مثيرة للجدل حول ملكية مغاربة مهاجرين لعقارات وأصول مالية في دول مثل بلجيكا وهولندا وإيطاليا، وسط اتهامات باستغلال بعضهم أنظمة الرعاية الاجتماعية والإسكان المدعوم بطرق غير قانونية.
أمام هذا المناخ المتوتر، وصلت المفاوضات إلى طريق مسدود، رغم تعهد الرباط بإعادة فتح الحوار وصياغة جدول زمني جديد للتنفيذ، تفاديًا لإدراج المغرب في “القائمة السوداء” للملاذات الضريبية، وهو تصنيف قد يُكبِّد المملكة كلفة اقتصادية باهظة، عبر تجميد أو تقليص برامج التمويل الأوروبية.
ودائع الجالية… شريان ثقة لا يتوقف
ورغم كل هذه الهزات، أظهرت بيانات بنك المغرب أن ثقة الجالية في النظام البنكي المحلي لا تزال صامدة.
فقد بلغت ودائع المغاربة المقيمين بالخارج نحو 207.2 مليار درهم سنة 2024، بزيادة طفيفة بلغت 1.8%، مدفوعة أساسًا بارتفاع الحسابات تحت الطلب وحسابات التوفير.
أرقام تعكس أن ارتباط الجالية بوطنها ما زال قائمًا، حتى وإن ظلّ ملف الشفافية الضريبية عالقًا بين مطرقة بروكسل وسندان الرباط.