أكد الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع أن “المعركة الحقيقية” أمام السوريين اليوم ليست عسكرية، بل سياسية واجتماعية تهدف إلى إعادة توحيد البلاد بعد سنوات الحرب الطاحنة. وخلال لقاء مع وجهاء إدلب، شدد على أن سوريا “لن تُقسّم”، محذرًا من محاولات بعض الأطراف الاستقواء بإسرائيل أو بقوى إقليمية أخرى لإحداث شرخ في النسيج الوطني.
السويداء في قلب العاصفة
تصريحاته جاءت في أعقاب مظاهرات حاشدة في محافظة السويداء رفعت خلالها شعارات “حق تقرير المصير”، إلى جانب أعلام درزية وإسرائيلية، احتجاجًا على أعمال العنف الدامية التي شهدتها المنطقة الشهر الماضي. أكثر من 1600 قتيل، معظمهم من المدنيين الدروز، سقطوا في اشتباكات بدأت بين مسلحين دروز وبدو قبل أن تتطور إلى مواجهات مع الجيش ومسلحين عشائريين.
إسرائيل والجنوب السوري
الشرع اتهم إسرائيل بالتدخل المباشر في السويداء، قائلاً إنها تسعى إلى “إضعاف الدولة السورية وخلق ذرائع للتدخل في الجنوب”. الهجمات الإسرائيلية الأخيرة التي طالت محيط القصر الرئاسي ومقر هيئة الأركان في دمشق زادت من التوتر، في وقت أعلنت فيه تل أبيب أنها “ملتزمة بحماية الأقلية الدرزية”.
الاعتراف بالانتهاكات والمحاسبة
لم يتردد الشرع في الاعتراف بـ”تجاوزات من كل الأطراف”، مشيرًا إلى أن بعض عناصر الأمن والجيش ارتكبوا بدورهم انتهاكات ضد المدنيين. وأضاف أن “الدولة ملزمة بمحاسبة كل من تورط”، مؤكدًا أن بناء الثقة بين السوريين يتطلب العدالة أولاً.
الأكراد على طاولة الحوار
في موازاة ذلك، كشف الشرع عن تقدم في المباحثات مع الإدارة الكردية التي تدير مناطق واسعة في شمال شرق البلاد. وأوضح أن الاتفاق المبدئي الموقع في مارس مع قوات سوريا الديمقراطية ما زال قائمًا، رغم تعثر تنفيذه بسبب خلافات سياسية. الشرع أكد أن “النقاشات مستمرة حول آليات التنفيذ”، مشيرًا إلى أن بعض المواقف الكردية على الأرض “لا تزال متناقضة” مع ما يطرح في المفاوضات.
سوريا بين جراح الماضي واستحقاقات المستقبل
من إدلب إلى السويداء، ومن الشمال الكردي إلى الجنوب المضطرب، تواجه سوريا مرحلة انتقالية دقيقة. خطاب الشرع عكس إدراكًا بأن المعركة المقبلة لن تُحسم في ساحات القتال، بل في قاعات الحوار، بين ذاكرة جراح دامية وحلم بوطن موحد لا تُقسمه الأعلام ولا التدخلات الخارجية.