بعد 22 شهراً من الحرب المستمرة، تستعد الهيئة الدولية المسؤولة عن رصد الجوع عالمياً، والمدعومة من الأمم المتحدة (IPC)، لإعلان وباء مجاعة في غزة أمام مجلس الأمن، في خطوة غير مسبوقة منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على القطاع.
صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية وصفت هذا التطور بأنه قد يفتح الباب أمام موجة ضغوط دولية جديدة على إسرائيل، في وقت تشتد فيه المعاناة الإنسانية داخل القطاع المحاصر.
إسرائيل تهاجم… والأمم المتحدة تحذّر
ردّ السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة، داني دانون، باتهام المنظمة الدولية بأنها “غيّرت المعايير لخدمة رواية حماس”، بينما واصل مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إطلاق تحذيرات صريحة من أنّ خطر المجاعة يتهدد جميع أنحاء قطاع غزة.
السبب المباشر: القيود المشددة على دخول المساعدات الإنسانية، وتصاعد الهجمات العسكرية التي تجبر مئات الآلاف من الفلسطينيين على النزوح مجدداً نحو المجهول.
آلية نادرة الاستخدام تكشف حجم الكارثة
إعلان المجاعة يستند إلى نظام التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC)، وهو المرجع الدولي المعتمد لقياس شدة انعدام الأمن الغذائي. منذ إنشائه عام 2004، لم يُستخدم هذا التصنيف سوى أربع مرات فقط لإعلان المجاعة، آخرها في السودان سنة 2024.
أن يُضاف اسم غزة إلى هذه القائمة السوداء القصيرة يعني أن العالم أمام إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية في العصر الحديث.
نصف مليون إنسان على حافة الموت
الإعلان المرتقب سيشمل محافظة غزة، التي تضم المدينة الرئيسية وثلاث بلدات مجاورة وعدداً من مخيمات اللاجئين، ويقطنها نحو نصف مليون نسمة.
إحاطة إعلامية اطّلعت عليها التلغراف البريطانية قالت بوضوح:
“أكثر من نصف مليون شخص في قطاع غزة يعيشون ظروفاً كارثية، تتسم بالجوع والعوز والموت.”
من التحذير إلى الاعتراف الرسمي
لشهور طويلة، ظلّت تقارير التصنيف المرحلي تحذّر من أن المجاعة وشيكة في غزة، لكنها امتنعت عن الإعلان الرسمي بسبب نقص البيانات الموثوقة في ظل القيود على الوصول إلى المناطق المنكوبة.
اليوم، يبدو أن حجم الأدلة والوقائع على الأرض لم يعد يترك مجالاً للإنكار: غزة تواجه المجاعة فعلياً.
بين السياسة والإنسان
الاعتراف الأممي بالمجاعة قد يعمّق عزلة إسرائيل، ويزيد الضغط على حلفائها الغربيين، لكنه قبل كل شيء يضع العالم أمام امتحان أخلاقي:
هل يكتفي بمراقبة الأرقام، أم يتحرك لإنقاذ مئات الآلاف من المدنيين الذين حوصروا بين الجوع والقصف؟