في ضربة قضائية غير مسبوقة، أدانت غرفة الجنايات الابتدائية المكلفة بجرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بفاس، الرئيس السابق لمجلس جماعة ميدلت، عبد العزيز الفاضلي (عن حزب العدالة والتنمية)، إلى جانب أربعة من نوابه السابقين، بسنة حبسا نافذاً لكل واحد منهم، مع أداء تعويض مدني قدره 20 ألف درهم بالتضامن.
اتهامات ثقيلة تكشف شبكة فساد
الملف لم يكن عادياً. النيابة العامة وجهت للمتهمين تهمًا جنائية ثقيلة، شملت تبديد واختلاس أموال عمومية، التزوير في محررات رسمية، تسليم وثائق إدارية دون حق، إحداث تجزئات سكنية غير مرخصة، ومخالفة قوانين البناء والتعمير. تحقيقات الفرقة الجهوية للشرطة القضائية أكدت وجود اختلالات عميقة في التدبير المالي والإداري للجماعة.
من العزل الإداري إلى السقوط القضائي
قبل صدور الحكم الجنائي، كانت المحكمة الإدارية بمكناس قد أصدرت قراراً بعزل الفاضلي وثلاثة من نوابه، بعد تقارير المفتشية العامة للإدارة الترابية التي رصدت خروقات فاضحة: صفقات كهرباء مشبوهة، منح جمعيات مقربة من “البيجيدي”، وجود موظفين أشباح، ورخص بناء غير قانونية على أراضٍ مخزنية.
ضربة قاسية للفساد المالي
المحكمة المكلفة بجرائم غسل الأموال بدورها أدانت المتهمين الخمسة بسنة موقوفة التنفيذ وغرامة 50 ألف درهم، مع مصادرة ممتلكاتهم العقارية والمنقولة المكتسبة بعد 2007، إضافة إلى حساباتهم البنكية المحجوزة. خطوة وُصفت بأنها رسالة واضحة بأن زمن “الإفلات المالي” قد ولى.
فتح تحقيقات مالية موازية
النيابة العامة لم تكتف بالأحكام، بل فتحت مساراً موازياً للتحقيق المالي في شبهات غسل أموال عمومية مختلسة. الأبحاث تركز اليوم على جرد الممتلكات والعقارات والحسابات البنكية، وربطها بالجريمة الأصلية، في محاولة لتجفيف منابع الفساد المستشري.
إنذار لباقي المنتخبين
القضية، بما حملته من تفاصيل عن “إمبراطورية فساد” محلية انهارت تحت ثقل القضاء، تمثل إنذاراً صارخاً لباقي المنتخبين: أن المسؤولية العمومية لم تعد غطاءً للإفلات، وأن العدالة قادرة على تعقب المال العام حتى آخر درهم منه.