أزمة ثقة تلوح في الأفق
حذّر الأمين العام لحزب الاستقلال، نزار بركة، من تفاقم ما وصفه بـ”أزمة ثقة عميقة” بين الشباب المغربي والمؤسسات المنتخبة والحكومة والأحزاب، معتبراً أن هذه الهوة المتسعة باتت تهدد تماسك المشروع الديمقراطي الوطني.
وجاءت تصريحاته خلال لقاء تواصلي بالمركز العام للحزب في الرباط، أمس السبت، خُصص لتقديم النتائج الأولية لـ”ميثاق الشباب”، وهي استشارة وطنية واسعة سعت إلى استشراف تطلعات الجيل الجديد وتصوراته حول الشأن العام.
جيل يبحث عن أفق
نتائج “ميثاق الشباب”، التي عرضها منسق البرنامج عبد الحافظ أدمينو، كشفت عن صورة معقدة لوعي الشباب المغربي: تشاؤم تجاه الواقع يقابله تفاؤل مشروط بإمكانية التغيير.
ففي أكثر من 500 جماعة شملها الاستطلاع، تصدّرت القضايا الاجتماعية والاقتصادية أولويات الشباب، وعلى رأسها محاربة الغلاء وتحسين التعليم والصحة.
لكن اللافت هو تراجع الثقة في النخب السياسية وابتعاد فئة واسعة عن الأحزاب، بسبب ما وُصف بـ”فساد المنظومة السياسية” وغياب العدالة في توزيع الفرص.
بين الاحتجاج والاغتراب
استطلاع الحزب أظهر أن عدداً متزايداً من الشباب يتجه نحو “الضغط الرقمي” عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أو يفكر في الهجرة كخيار واقعي، في مقابل فتور الإقبال على الانخراط الحزبي.
هذا النزوح الرمزي عن الفعل السياسي التقليدي، بحسب بركة، يفتح الباب أمام “تيارات راديكالية” قد تستغل الإحباط الجماعي للدعوة إلى “هدم المؤسسات التمثيلية”، وهو ما اعتبره تهديداً خطيراً للمسار الديمقراطي.
تحذير من “العودة إلى نقطة الصفر”
في نبرة حازمة، قال نزار بركة: “الدعوات إلى إلغاء المؤسسات التمثيلية تهدد بنسف كل المكتسبات الديمقراطية، وقد تعيدنا إلى نقطة البداية – RESET.”
كما رفض فكرة “الحكومة التكنوقراطية”، مؤكداً أن الكفاءة التقنية لا يمكن أن تعوّض الشرعية الانتخابية أو مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.
اعتراف وشجاعة نقدية
رغم موقعه ضمن الأغلبية الحكومية، لم يتردد بركة في الاعتراف بأن “نتائج الأداء الحكومي لم ترقَ إلى طموحات الشباب”، خصوصاً في قطاعي الصحة والتعليم، واصفاً انتقاداتهم بأنها “مشروعة ومفهومة”.
وأشار إلى حجم الأوراش الجارية، من بينها مشروع مستشفى ابن سينا الجديد بقيمة 11 مليار درهم ومخطط الربط المائي، مؤكداً أن “ضخامة الاستثمارات لا تكفي دون ترسيخ ثقافة النجاعة والمساءلة”.
رؤية جديدة لجيل جديد
رداً على هذا الواقع، أعلن حزب الاستقلال عن حزمة مبادرات موجهة لجيل Z، من بينها إحداث “أكاديمية للشباب” تعتمد على المنصات الرقمية لتأطير الطاقات الشابة، ومقترح قانون خاص بالتطوع يمنح تعويضات تحفيزية.
وشدد بركة على أن “إنقاذ الثقة لا يتم عبر الخطابات، بل عبر ممارسات جديدة تعيد للشباب الأمل في السياسة كمجال للتأثير لا للهروب”.